اتجهنا إلى ناحية اليمين كان النهر فيها يسير وسط صحارى واسعة ومناطق تمثل الأرض العربية (١) ، ثم يتفرع إلى فروع عريضة يصعب على الملاحين تعيين الاتجاه الصحيح الذي يسيرون فيه.
عندما بدأ السير في النهر لم نكن نتوقع أي خطر نتعرض له لأن السفينة التركية سبق لها أن مرت قبلنا بسلام في أحد تلك الفروع ، لكن السفينة الثانية التي كنا نسير وراءها ما لبثت أن استقرت فوق الرمال لأن ملاحيها أهملوا توجيه سيرها في المجرى الصحيح فهي لم تنغرز في المكان الذي استقرت فيه حسب بل وسدت علينا الطريق أيضا وقد أدارها الماء بعنف فوقفت معترضة ، واندفعت سفينتنا فوقها رغما عنا لأننا قريبين منها ، لأن سفينتنا كانت تجري بسرعة لم نستطع معها تغيير اتجاهها.
وقد نتج عن الاندفاع والتيار والاصطدام بالسفينة الواقعة أن تحطم الجانبان المرتفعان منها فتدفق الماء إلى داخلها وغرقت في أعماق النهر.
ومع أن سفينتنا لم تصب بأي ضرر إلا أنها لم تستطع مواصلة السير حيث ربطناها بالسفينة الغارقة بغية انتشالها من الماء وبعد جهد شاق بذلناه في إزاحة الرمال من تحت السفينة الغارقة وفسح الطريق لإخراجها سالمة ، استطعنا أن ندفع نصفها إلى الماء العميق أمام سفينتنا ، وسرعان ما دفع بها ماء النهر بشدة فارتطمت بسفينتنا وحطمت أحد مجارفها وقسما من جنبها ، ولو أن المجذاف الآخر كان قد تحطم لتكرر ذات العطب والضرر اللذين وقعا قبلا.
وحين كنا على مثل تلك الحالة ، وقد تركز تفكيرنا في الهلاك الذي ينتظرنا سوية لأن ربنا الرحيم قد أراده لنا ، وصلنا قرب الشاطىء ،
__________________
(١) يقصد المؤلف بعبارة «الأرض العربية» بادية الشام أو مبتدى أرض الجزيرة العربية من الأراضي السورية إذ كان يتصور أن الأرض التي تقع شرقي نهر الفرات هي بلاد الرافدين وآشور وفارس ليس إلا.