واندفعنا في المجرى القديم للنهر من دون أدنى عائق فأقلعنا قبل أن تقلع السفينة الأخرى ، ثم نزلنا إلى البر مباشرة.
نهضنا بعد استراحة قصيرة للعمل على إنقاذ السفينة الأخرى فأنزلنا حمولة سفينتنا وحملنا لها ما كانت تحمله تلك السفينة الواقعة ثم أنزلناها بسرعة إلى الماء.
وفي الوقت ذاته ظهر من وراء الأدغال وشجيرات الطرفاء على ضفتي النهر عدد من الأعراب كان البعض منهم يمتطي ظهور الخيل بينما كان البعض الآخر راجلين وقد أقبلوا إلينا غير هيابين من حرسنا وهم يحاولون ، بعد أن غادرنا ، سلب ما نحمله من بضاعة.
لكنهم ما إن جوبهوا بالمقاومة ، وسمعوا بضع إطلاقات انطلقت من بنادقنا (ولم تكن البنادق معروفة لديهم) حتى تملكهم الخوف ، فأداروا لنا ظهورهم ، وولوا الأدبار مسرعين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
وفي الأخير حاولنا أن نخرج من السفينة بعض الأمتعة الصغيرة فأصبنا في ذلك نجحا طيبا ، ثم ما لبثنا أن نشرنا قلوع السفينة ودفعنا بها باذلين في ذلك كل ما توفر لدينا من جهد وطاقة إلى أن استطعنا في النهاية تحريكها وإطافتها على سطح الماء. ومع أن ما ضاع من حمولتها كان ضئيلا في كميته إلا أن ذلك كان أكثرا قدرا بالنسبة إلى الرز والقماش والنسيج الدمشقي والصابون والسكر وجذور نبات «الزرنب» التي تستعمل لمعالجة أوجاع الظهر. كذلك حدث تلف كبير ببعض القمح والتين الذي استجداه ركاب السفينة منا.
كان بودنا لو مكثنا زمنا أطول معهم إلى أن تجف أمتعتهم وتصلح سفينتهم ليصبح في مستطاعهم السفر معنا في مزيد من الأمن عبر هذه الصحارى ، وذلك أمر أظهرنا استعدادنا التام لإنجازه.
حدث أثناء مكوثنا مع ركاب تلك السفينة ومساعدتنا إياهم أن