(بعل) (١) الذين اعتادوا أن يجرحوا أجسامهم بالمدي والرماح حتى تسيل منها الدماء ، وذلك ما اعتدنا أن نقرأه في الإصحاح الثامن عشر ، الآية الثالثة من «سفر الملوك» (٢).
والشيء الذي أستطيع أن أقرره هنا هو أن هذه الندوب والحروق الواسعة في بدن هذا الدرويش إنما أجريت حسب تقاليد الطائفة التي ينتمي إليها (٣) إذ إن هذا الرجل لا يرتدي أية ملابس ، لا في الصيف ولا في الشتاء ، سوى قطعة يستر بها عورته. وبدلا من الملابس يرتدي أمثال هؤلاء جلود المواشي فينامون بها ويستخدمونها بمثابة فراش وغطاء ولباس لهم في وقت واحد. ويتظاهر هؤلاء في تصرفاتهم الخارجية بالصبر والفضيلة وكأنهم من الأموات بالنسبة إلى هذا العالم حيث يتمسكون بشعائر الصلاة والتذوق والمشاهدة في الوقت الذي تمتلىء فيه نفوسهم بالخداع واللؤم ولذلك يصعب وجود أحد يحبهم.
وفد علينا عدد من رجال الدين ينتمون إلى طوائف متعددة وهم يتميزون بعاداتهم وتقاليدهم المختلفة مثلما هو الأمر في بلادنا نحن الهولنديين. وكان من بين هؤلاء شاب قوي البنية ، حسن التكوين ينتمي إلى طائفة يطلقون عليها اسم «الجيلانية» (٤) ولم يكن هؤلاء من طائفة
__________________
(١) بعل Baal كبير آلهة آشور ومقره في نينوى ويعرف باسم بيلوس أيضا وكثيرا ما يخطىء المؤرخون والرحالون في شأنه فيعتبرونه إله بابل.
(٢) سفر الملوك واحد من كتب موسى الخمسة التي تؤلف التوراة ، وهو يتألف من ستة أسفار ، صموئيل الأول وصموئيل الثاني (الملك داود) وسليمان ودانيال واليشع وأخبار الأيام.
(٣) ليست هذه العادة من تقاليد طوائف الدراويش كما توهم المؤلف ذلك وإنما القصد منها هو معالجة بعض الأمراض بطريقة الكي هذه وما تزال هذه الطريقة شائعة حتى الآن لدى بدو الصحراء وحتى بعض سكان الأرياف في الأقطار العربية.
(٤) سماهم المؤلف باسم الجماليون Geomalers وواضح أن المقصود بذلك هم الجيلانيون أتباع الشيخ عبد القادر الجيلاني.