وتمتد إلى ركبتيه ، ومثل هذا كان يرتديه أفراد حاشيته بحيث كان يصعب ، بهذا اللباس الشائع لديهم ، تمييز أحدهم عن الآخر لو لم تكن حوافي تلك العباءات مطرزة بأشرطة ذهبية كما اعتدنا في بلادنا أن نطرز حوافي صداريات الأطفال عند الرقبة والأردان ، ولم تكن أردانها طويلة وكانت بعض النقوش ظاهرة فيها.
ولما كانت الإتاوة تعود إلى أمير المنطقة العربية التي يجري نهر الفرات فيها ، فقد أقبل نجله هذا للمطالبة بتلك الإتاوة وتسلمها. وهكذا وجدناه ينزل بجواده إلى النهر ويخوض فيه متجها نحو السفينة التركية أولا ليرى ما تحمله من سلع ولما لم يجد فيها سوى القمح لم يمكث عندها طويلا وعاد إلى سفننا ، وكان خدمه الذين يأتمرون بأوامره قد سارعوا في مساعدته على الصعود إلى السفينة وأجلسوه على حزمة فيها ثم شرعوا يتجولون بين التجار يفتشون سلعهم فيفتحون هذا الكيس وتلك الرزمة ويأخذون من بعضها قليلا أو كثيرا حسبما يشاؤون ولذلك كانوا يتأخرون بعض الوقت قبل أن ينتقلوا من تاجر إلى آخر.
وفي الوقت ذاته جاء القوم بطفل نجل الأمير هذا ، ولم يكن ليتجاوز السنتين ، إلى ظهر السفينة وكان أحدهم يحمله أمامه على ظهر جواد ويسير به خلف أبيه. ولم يكن الطفل ليرتدي شيئا سوى قميص مصنوع من القطن وفي عنقه أطواق وفي رسغيه وقدميه أساور من الذهب العربي الخالص!.
وأخيرا أقبل خدم الأمير إلينا ، أنا ورفيقي ، وقد كنا في مؤخرة السفينة. وقبل أن نطلعهم على شيء من سلعنا شاهدوا بندقيتي وكانت مكسوة بعظم العاج فأخذوها مني في الحال إلى سيدهم ليرونه إياها ، وهم في منتهى الدهشة والعجب إذ إنهم لم يشاهدوا مثلها في حياتهم قط.