وقد تضع الأعرابيات هذا اللبن أحيانا في أكياس من الكتان فلا يتسرب منها حيث اعتدنا أن نعلقه في السفينة مدة يومين أو ثلاثة إلى أن يتكثف ويتحول إلى خثارة وعندئذ نستعمله مع البسكويت والبصل أوقات الفطور وأوقات العشاء.
وكنت أغتنم الفرصة حين نزولنا إلى اليابسة فأروح أفتش عن النباتات الغريبة في المكان. ولقد عثرت على أنواع خاصة من نبتة «الأزهار المحززة» (١) وهي تشبه النوع المعروف منه في بلادنا لكن ليس لها ذات ميزاته ، ونوعا من شجر العجرم (٢) من فصيلة ذكرها المؤرخ «كلوفيوس» وهو ذو أوراق سميكة تشبه شجرة «الودنة» (٣) فضلا عن السذاب ونوعا غريبا من الصفصاف يسميه السكان باسمه القديم هو «الغرب» ، بالإضافة إلى الطرفاء وهي من أنواع كبيرة وعالية تشبه أشجار التوت والنخيل مما يمكن مشاهدتها من بعيد بسبب ضخامتها وارتفاعها وهي تشبه الطرفاء في بلادنا لكنها أكثر ضخامة وارتفاعا ، وأوراقها طرية ذات رؤوس وردية الألوان.
والمسلمون في الغالب يطعمون مواشيهم من الأدغال التي تنمو على ضفاف النهر ذلك لأنه لا يوجد في الفيافي والصحارى ، حين تكون الأرض رملية هشة وقاحلة ، سوى القليل من الأعشاب أو الزرع ، مما يجعل الخبز نادرا بين سكانها فلا يرون منه شيئا لمدة طويلة حيث يضطرون إلى تناول أطعمة أخرى كالسمك والجبنة واللبن والودك دون أن يستعملوا الخبز معها. فهؤلاء الفقراء لا يصيبون سوى وجبة بسيطة من الغذاء ومع ذلك فهم أقوياء وفي صحة جيدة ويقضون أعمارا جيدة.
__________________
(١) Schoenantum تكون أوراقها محززة وهي من الفصيلة الباذنجانية.
(٢) Rhanus شجرة شوكية من نوع العفص أو العجرم.
(٣) Housleeke نبات الودنة شجيرة ذات سوق سميكة وأزهار وردية اللون.