حيث غالبا ما كنت أجلس على الأسوار المتهدمة ، وأنظر إليهم أثناء لعبهم.
ويعزى خراب هذه المدينة في الدرجة الأولى إلى التتر وملكهم هولاكو (١) الذي استولى عليها سنة ١٢٦٠ ميلادية ، وذلك بعد مدة قصيرة من استيلائه على حلب وقلعتها بمساعدة «آجتون» (٢) ملك أرمينيا.
ويدعي البعض أن هذه المدينة هي مدينة «رغيس» (٣) التي تسمى «أديسا» أيضا (٤) حيث بعث «بيوس طوبيا» (٥) بولده من نينوى إلى صديقه «غابيل» (٦) في هذه المدينة ليسترد منه النقود التي أقرضه إياها.
ولما كانت هذه المدينة تقع على مسيرة يوم من نهر الفرات فإنها لا يمكن أن تكون هي المدينة المقصودة.
بعد أن نزلنا هناك أقبل علينا ملتزم الكمارك (٧) ممتطيا صهوة جواده إلى الشاطىء وطلب إلى ربان السفينة التركية بأن يسلمه الأسلحة والرماح والقسي لأنها محظورة إطلاقا. ولم نشهد مثل هذا التصرف من لدن موظفي الكمارك قبلا ، ولذلك دخل هذا الموظف مع ربان السفينة في
__________________
(١) هولاكو وقد دونه المؤلف باسم هالونوHaalono.
(٢) آجتون Ajton لم نعرف عنه شيئا فيما توفر لدينا من مصادر.
(٣) هذا هو الاسم الذي عرفت به الرقة لدى الأوروبيين Rhages.
(٤) أديساEdyssa هو الاسم اليوناني لمدينة الرها أو أورفة ولا صلة لها بالرقة لأن أورفة تقع على الفرع الأيسر من نهر البليخ وعلى طريق القوافل الموصل إلى حلب.
(٥) بيوس طوبياPious Tobias ويعرف باسم «طوبيا البار» يهودي من سبط «نفتالي» عاش في نينوى وله سفر ذكر فيه مغامراته مع الملاك روفائيل لم يعثر على نصه العبري لكن بقيت مقتطفات منه باللاتينية.
(٦) غابيل Gabel صديق إبراهيم الخليل.
(٧) لم يكن الكمركي معروفا لدى الأتراك أو العرب آنذاك ولم يكن هذا الملتزم سوى رسول من حاكم المنطقة لأخذ الإتاوة من القوافل والسفن.