قبل شهر مضى ، وأقنعوا ملاحي إحدى السفن بأن يمروا من هناك ، ولم يكتشف الملاحون تلك الخدعة إلا بعد أن تحطمت سفينتهم إثر ارتطامها بتلك الأحجار وغرقت. وذات الشيء فعله هؤلاء الأعراب مع عدد آخر من السفن تعرضت للخطر نفسه ولم يستطع من كان فيها إنقاذ أنفسهم مما أصابهم إلا بعد عدة أيام.
على أننا حمدنا الله وشكرناه إذ خرجنا من ذلك الموضع خلال ساعة واحدة بعد أن سحبنا سفينتنا قليلا إلى الوراء ثم دفعنا بها إلى الماء العميق الغور ، مما أثار دهشة أولئك الأعراب.
أما السفن الأخرى التي كانت تسير مع سفينتنا ، فمع أنها لم تتأخر طويلا إلا أننا مع ذلك بذلنا المزيد من الجهود لإخراجها من الماء الضحل ، إذ كانت تلك السفن أقل طولا وأقعارها مجوفة وهي وإن كانت تستدير بسرعة إلا أنها لم تنزلق على سطح الماء مثل انزلاق سفينتنا ذات القعر المسطح.
وفي وقت مبكر من الغروب شاهدنا على مسافة غير بعيدة في الجانب الآخر من النهر قلعة تقوم في سهل تدعى «سيري» (١) ، ذكر الأعراب عنها أنها قد تهدمت منذ سنين عديدة ، وأن نهر الخابور (٢) ، وهو من الأنهار الكبيرة نوعا ما ، يبدأ من شمالها ثم يمر بها ويكون ماؤه نقيّا أشبه بماء الينبوع ثم يجري أسفلها بمسافة قليلة ليصب في نهر الفرات.
__________________
(١) ذكر الرحالة هذه القلعة باسم سيري Sere والمقصود بها بلدة «سيرين» التي تقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات ومنها تعبر القوافل متجهة نحو نهر البليخ.
(٢) ذكره المؤلف باسم شابوChabu وهو من أهم الروافد التي تصب في نهر الفرات وينبع من الأراضي التركية.