فقبل كل شيء كان هناك الجسر القديم الذي كان يمتد فوق نهر الفرات والذي سماه النبي «باروخ» باسم (سود) (١) وذلك في إصحاحه الأول ، حيث لا تزال بعض قطع الجسر وقناطره باقية حتى اليوم على مسافة قريبة شمالي المكان الذي هبطنا إليه وقد شيدت هذه القناطر من الآجر وهو من نوع قوي ومدهش. ذلك لأننا منذ أن قدمنا من مدينة «البير» إلى هناك ، لم نر على النهر حتى ولا جسرا واحدا. ولهذا أقول إنه من المدهش أن يبنى مثل هذا الجسر في مثل هذا الموقع الذي يبلغ عرض النهر فيه مسافة نصف فرسخ فضلا عن عمق النهر في هذا المكان.
وعلى مقربة من الجسر أكوام من القار البابلي لطلاء السفن به ، وهو يكون صلبا في بعض الأماكن بحيث تستطيع أن تمشي فوقه ، لكنه في أماكن أخرى جلب إليها حديثا يكون رقيقا وتظهر عليه آثار كل خطوة تخطوها عليه (٢).
وعلى مقربة من قرية الفلوجة وأمامها يقوم تل يمثل القلعة التي كانت قائمة في السهل حيث لا تزال تشاهد أنقاض تلك القلعة التي تهدمت وخلت من ساكنيها.
وخلف القرية يقوم برج بابل الذي بدأ أولاد نوح (وكان أول من سكن هذه الأصقاع بعد «الطوفان» (٣)) ببنائه صعدا إلى السماء.
__________________
(١) SUD والنبي باروخ أحد الشخصيات اليهودية كان سكرتيرا للنبي أرميا وقد وضع كتابا عن التوراة عثر على ترجمته السريانية في ميلان.
(٢) وقع الرحالة الإنكليزي الشهير جمس بكنغهام (١٧٨٦ ـ ١٨٥٥ م) في الخطأ ذاته إذ نقل عن راوولف ما ذكره هنا عن هذا القار وكأنه موجود في مدينة بابل ذاتها وليس في الفلوجة كما هو الواقع ، حيث كان يجلب إليها وإلى بقية مدن جنوبي العراق من هيت (انظر ترجمتنا لرحلة بكنغهام المعنونة «رحلتي إلى العراق» الجزء الأول حاشية الصفحة ٢٥٢ طبعة ١٩٦٨).
(٣) الطوفان Deluge هو الطوفان الكبير الذي وقع في العراق في عهد السومريين وسجله