فنحن لا نزال نشاهد هذا البرج الذي يبلغ قطره نصف فرسخ ، لكنه قد تهدم وغدا واطئا وسكنته الهوام ، واتخذت لها فيه جحورا. إذ إن المرء لا يستطيع أن يقترب إلى أقل من نصف ميل منه إلا خلال شهرين من أشهر الشتاء لا تخرج الهوام فيهما من جحورها (١).
ومن بين هذه الهوام نوع يسميه الفرس (ايغلو) (٢) وهو سام جدّا كما أخبروني بذلك وهو أكبر من «العظاية» أو «الضب» المعروف عندنا وله ثلاثة رؤوس (٣) وتكسو جلده بقع ذات ألوان عدة. وهذه لا تسكن البرج وحده بل القلعة أيضا وهي ليست مرتفعة كثيرا. وكانت توجد تحت القلعة بئر للماء ولذلك فلا تستطيع هذه الهوام أن تعيش فوق التل ولا تجرؤ على شرب الماء الذي ترده الماشية (٤).
وعلى مسافة فرسخين نحو المشرق من الفلوجة تقع مدينة «تراكست» (٥) القوية التي كانت تدعى قبلا باسم «أفاميا» (٦) التي أشار
__________________
گلگامش في ملحمته كما أتت التوراة والقرآن الكريم على ذكره وقد اشتهر النبي نوح عليهالسلام بأنه أنقذ بسفينته بعض البشر والحيوانات من ذلك الطوفان.
(١) يبدو لنا أن ما ذكره راوولف هنا عن هذه الهوام في البرج قد نقله إما عن البعض من أهل العراق وغيرهم الذين تحدثوا عن تلك الهوام دون أن يروها ، وإما أنه أخذها عن التوراة التي حوت تنبؤات بعض أنبياء اليهود بالمصير السيئ لمدينة بابل لأنها استولت على فلسطين وسبت اليهود الذين كانوا فيها بعشرات الألوف إلى العراق وقد جاءت هذه التنبؤات بصفة خاصة في أسفار أشعيا وأرميا وباروخ.
(٢) ايغلوEglo والظاهر أنه نوع ضخم من الضب.
* علق المترجم ستافورست على هذا القول «كان راوولف على الدوام ساذجا يصدق بيسر ما يقصه عليه الإخباريون. ذلك لأنه لم يكتشف حيوان له أكثر من رأس واحد وإنني أؤكد هذا طبعا بكل ثقة».
** وضع المترجم ستافورست إلى جانب ذلك هذه العبارة «هذه أسطورة».
(٣) خيل إلى راوولف أن هذه المدينة التي ذكرها باسم تراكست Traxt هي مدينة (أفاميا) التي بناها سلوقس الأول قائد الإسكندر المقدوني الذي تولى الحكم بعد وفاته في