وعند ما أقدم ابن الملك على تنفيذ مخططاته انقض عليه الباشا بعدد كبير من الرجال لا قبل له بهم ، وهكذا لم يهزم ابن ملك فارس وحسب بل وقع أسيرا وإذ ذاك هدده الباشا بأنه سيقطع رأسه إذا لم يفكر أبوه جديا في الأمر ويقدم على افتدائه بإعادة مدينة «أوريس» (١).
وهكذا لم يكن أمام الملك إلا أن يعمل ما فيه الكفاية للحفاظ على سلامة ولده ، والتعهد بعدم الإقدام على أية استفزازات أو حروب أخرى ضد الأتراك (٢).
وقبل أن أبدأ رحلتي في آذار ١٥٧٤ م وصلت إلى حلب أنباء تقول إن حوالي خمسة وعشرين ألفا من الأتراك كانوا قد قتلوا في أطراف
__________________
(١) هذه المدينة سماها الرحالة باسم أوربس Orbs ويغلب على الظن أن المقصود بها مدينة «وان» التي استعادها سليمان القانوني بعد استيلائه على بغداد سنة ١٥٣٤ م.
(٢) لم يرد ذكر لهذه الواقعة لدى المؤرخين الذين كتبوا عن تلك الفترة من تاريخ العراق من أمثال ياسين العمري صاحب كتاب «غاية المرام في تاريخ محاسن بغداد دار السلام» الذي طبع سنة ١٩٦٨ ، ولا في كتاب «بغداد دار السلام» للمؤرخ الإنكليزي ريتشارد كوك والذي ترجمه الأستاذان مصطفى جواد وفؤاد جميل ونشراه في جزأين سنة ١٩٦٧ ـ ١٩٦٨.
أما المستر ستيفن همسلي لو نغريغ صاحب كتاب «أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث» الذي ترجمه جعفر خياط وصدرت طبعته الرابعة في سنة ١٩٦٨ فقد قال عن هذه الأحداث التي ذكرها راوولف «وقد يشير هذا الحادث إلى بعض قلاقل الحكومة بسبب اللد أو الأكراد».
ومهما يكن الأمر فإن لهذه الحادثة شيئا من الحقيقة لأن الفرس ظلوا يتحينون الفرص للإغارة على العراق وعلى بغداد بالذات بعد أن طردهم منها السلطان العثماني سليمان الأول المعروف باسم سليمان القانوني سنة ١٥٣٤ م.
أما باشا بغداد في الوقت الذي وصل فيه راوولف إلى المدينة فهو إما أن يكون «علي باشا الدرويش» أو «الوند زادة علي باشا» الذي حكم ولاية بغداد في الفترة ما بين ١٥٧٤ و ١٥٨٦.