قبعاتهم حين يمرون بصور العذراء التي علقت في شوارع عديدة في المدينة يلقى بهم في غياهب السجون.
وقد استنكر ذلك التاجر هذا الأمر بشدة ، كما تحدث عن المسيحية بشكل أعجبني ، ولذلك أحببته ورغبت في السفر معه لأنه كان يعاملني برقة وعناية وكأنني ولده.
وعند ما علم بأنني طبيب رغب أن يقدمني إلى الباشا وكان مريضا في وقت كان فيه طبيبه الخاص من أصدقائه الحميمين.
ولما كنت قبل هذا قد علمت بأن آخرين أقدموا على مثل هذا العمل لم يجازوا إلا بالشر ولا سيما من قبل الذين تقدموا لعلاجه ، لذلك لم أقدم على هذا الأمر لأنني كنت أخشى أن أقابل بذات الجزاء بدلا من الثواب وأفقد حريتي ، ولذلك شكرت التاجر على عطفه ورقته ، ولو لا هذا الأمر لأخذت بنصيحته على الرغم من عدم وجود صيدليات يمكن التزود منها بالأدوية.
غير أنني استطعت أن أشتري بعض المواد من أصحاب الحوانيت حيث جمعتها من أماكن متعددة ، لأنه كان يصعب علي أن أجدها لديهم متوفرة في وقت واحد. كذلك استقطرت الزيوت من الجوز ، وهو نوع جيد ومتوفر بكثرة ، ومن الفستق الذي يحتفظ به السكان ويأكلونه مثلما نأكل نحن الأنواع الصغيرة من الجوز في بلادنا.
ولقد تناولت هذا الفستق فوجدته جافّا غير مستساغ. وهذا النوع يسميه العرب باسم «بطم» أما الفرس فيسمونه تربيك.
ولقد شاهدت نوعين منه بحجم كبير وآخر صغير. والكبير منه يشبه جوزة الفستق لكنه أقل استدارة وأقصر طولا. أما النوع الصغير فهو ذو قشرة صلبة تشبه حبة الحمص الكبيرة وهذه تماثل في شكلها النبتة المعروفة باسم «قرن الغزال» أو الذرة الهندية.