لوازم لمواصلة سفره ، حيث رحل فعلا بعد يومين مع تجار آخرين في إحدى السفن إلى البصرة.
ولم يطل الوقت حتى تلقيت نبأ مفجعا عنه ، فقد قيل إن السفينة التي استقلها من البصرة إلى «هرمز» قد تحطمت بعد أن داهمتها عاصفة شديدة على مقربة من جزيرة «البحرين» (١) في الخليج العربي الذي يكثر فيه اللؤلؤ الشرقي ، وإنه مع عدد من التجار بينهم جماعة من أبناء التجار الأغنياء في «حلب» قد ماتوا غرقا.
كان علي أن أعود إلى حلب في قافلة كبيرة. ولما كانت مثل هذه القافلة ستأخذ طريقها عبر الصحراء الرملية الواسعة في مسيرة قد تستمر زهاء أربعين يوما أو نحوها ، وحيث لا نستطيع خلالها أن نمر بأكثر من نقطتي كمارك نتزود منهما باللوازم والماء وغيره من الضروريات الأخرى ، لهذا السبب استقر رأيي على أن أسافر بطريق تمر بأماكن مفيدة وبمدن شهيرة كيما أرى وأتعلم وأطلع على أمور أخرى. وعلى هذا الأساس مكثت في النزل الكبير مدة أطول إلى أن ألتقي ببعض رفاق السفر.
وفي الوقت الذي مكثت فيه هناك تعرفت إلى أحد التجار من سكنة مدينة حلب ، كان قد رحل عدة مرات إلى الهند ، وقد أنبأني بأن «اليسوعيين» ضرعوا في إقامة محاكم التفتيش الصارمة في الهند ، ولا سيما في مدينة «غوا» (٢) التي يعتبرونها ملائمة لهم ، وأن الذين لا يخلعون
__________________
(١) البحرين ذكرها الرحالة باسم بكاري Bacchari وقد وردت هذه التسمية لدى غيره من قدامى الرحالين وهي محرفة عن «البحرين» العربية. وحتى القرن الحادي عشر الميلادي كان الاسم الشائع للبحرين هو «تيلوس» و «تيلون» و «دلمون» وهو الاسم الذي عرفت به في المدونات الآشورية والإغريقية.
(٢) «غوا» أول مدينة احتلها الغزاة البرتغاليون في الهند وفي الشرق معا حين وصلوا إليها سنة ١٤٩٩ م بقيادة فاسكو دي غاما. وبقيت غوا مستعمرة برتغالية طيلة الاحتلال الإنكليزي للهند ولم تستعدها الهند إلا في سنة ١٩٦٤.