البلاد يكثر فيها القمح والفواكه والعسل وغيره. وتقارن هذه الأرض التي كانت تعود إلى ملك آشور بأراضي فلسطين غير أننا كلما توغلنا بعيدا في مسيرتنا تعاظمت الأرض الخلاء ولذلك كنا نضطر إلى أن نقضي الليل في الحقول.
في صباح اليوم التالي بان لنا طريق تنتشر عليه قرى قليلة تعود إلى ملك فارس (١) وكنا نسير في صحاري قال لي رفاقي المسافرون معي عنها إنها تمتد إلى داخل فارس وماذي. ولقد ضللنا الطريق حتى وصلنا عند المساء إلى مستنقع أعاقنا عن السير. وقد أجبرنا على البقاء في هذا الموقع بسبب حلول يوم السبت وعدم موافقة اليهود الذين كانوا معي على متابعة السفر تنفيذا لشعائرهم. وهكذا أمضينا الليل واليوم الذي تلاه تحت وابل من المطر.
ورحت في أثناء مكوثي في ذلك المكان أبحث عن النباتات فيه لكنني لم أعثر على شيء منها لأنها في ذلك الوقت كانت قد بدأت تبرز من باطن الأرض. على أنني عثرت على أنواع من الخلنجان البري ذي جذور كبيرة ومدورة يسميه السكان «السرو» (٢) ويطلق عليه اليونانيون واللاتينيون اسم «سيبروس» (٣).
وفي التاسع عشر من الشهر وبعد مصاعب برزت لنا بسبب الأوحال التي كانت تغطي الطريق ، أخذ طريقنا يمتد وسط أراض مزروعة جعلتني أتذكر «تراجان» (٤) الامبراطور الروماني وجيشه الذي صمد به أمام الفرس
__________________
(١) مرت الإشارة قبلا إلى أن راوولف كان يعتقد بأن الأراضي الواقعة شرقي بغداد مباشرة تخضع لنفوذ ملك فارس ولذلك ذكر أن هذه القرى عائدة إليه وهو خطأ واضح.
(٢) ذكر راوولف كلمة السرو باسم «سوردت» Sordt.
(٣) سيبروس Cyperus هو الاسم اللاتيني والعلمي لشجرة السرو.
(٤) تراجان Trajan من أعاظم أباطرة الرومان طموحا قاد حملة واسعة لاحتلال العراق