أديسا) ـ كما سبقت الإشارة إلى ذلك قبلا كيما يطالب «غابيل» بتسديد دين في ذمته ، مثلما نكون قد قرأنا ذلك في الإصحاح الحادي عشر من كتابه ، وحينئذ عاد عبر طريق «حران» الذي يؤلف نصف الطريق إلى نينوى.
بعد أن أكمل اليهود أعمالهم بنجاح تام هناك ، استأنفنا رحلتنا فبلغنا جبالا شامخة وعرة المسالك ، حيث أمضينا اليوم التالي كله في مشقة بالغة إلى أن وصلنا إلى نهر الفرات ثانية ، وإلى مدينة «بير» ذاتها التي سبق أن أشرت إليها من قبل.
ومع أن المسافة بيننا وبين حلب لا تزيد عن مسيرة يومين ونصف اليوم فإن رفاقي اليهود كانت لهم بعض الأشغال في «نصيبين» الشهيرة (التي تقع على هذا الجانب من النهر وعند الحدود السفلى لأرمينيا) وعلى هذا أصبحنا ملزمين بالذهاب إلى المدينة ، ومن ثم واصلنا مسيرتنا بعد انقضاء يوم السبت أي السادس من شهر شباط عبر حقول مزروعة بالقمح زراعة جيدة ، متجهين نحو «عينتاب» (١) التي بلغناها عند المساء وهي مدينة كبيرة نوعا ما لكنها ليست محصنة ، وتقع على تلين صغيرين لطيفين ، ولذلك تستطيع أن تراها بوضوح وتمييز حين تخرج من الوادي عبر إحدى البحيرات إلى الحقول.
وعلى الرغم من ذلك فإن موقعها حسن ومنظرها بهيج عن بعد ، وإن كانت تبدو من الداخل واهنة البناء.
وقد حاصر ملوك فارس هذه المدينة عدة مرات في العصور السابقة ثم استولوا عليها أخيرا واحتفظوا بها زمنا طويلا ، إلى أن استعادها
__________________
(١) عينتاب كتبها المؤلف باسم اندب Andeb وهو اسمها القديم.