ولا تزال في المدينة بئر فياضة قائمة إلى اليوم تدعى «بئر إبراهيم» وكان الخادم الذي بعث به إبراهيم إلى بلاد الرافدين ، أي مدينة «ناهور» (١) (ليبحث فيها عن زوجة لولده «إسحاق» من أقربائه هناك) ، كان هذا الخادم قد رأى عند تلك البئر «ربيكا» (٢) التي قدمت له ولإبله الماء المستخرج من البئر ذاتها.
ومثل هذا فعله النبي «يعقوب» عند ما هرب من أخيه «عيسو» (٣) إذ قدم إلى ذات البئر وعرف نفسه إلى «راشيل» ابنة خاله «لابان» (٤) ، وعندئذ أزاح الأحجار عن فوهة البئر وبذلك استطاعت راشيل أن ترد أغنامها من مائها.
ومياه هذه البئر ذات رغوة أكثر بياضا من بقية المياه الأخرى. ولقد شربت عدة مرات من مائها الذي كان يخرج من فوهتها ، ويجري وسط النزل الذي حللنا فيه ، فكان عذبا حلو المذاق.
وإلى هذه البئر ذاتها جاء أيضا ابن «طوبيا» البار الذي حمله إليها الملاك «رفائيل» الذي بعث به أبوه إلى «الرها» (٥) (التي تدعى الآن
__________________
عرفت باسمه وفيها ضريحه. وهي المسماة باسم «حبرون» في التوراة.
(١) ناهورNahore ويغلب على الظن أن المقصود بها مدينة «أور» السومرية موطن إبراهيم وأبيه.
(٢) ربيكاRebeca.
(٣) عيسوEsau.
(٤) راشيل Rachel ووالدها «لابان» Laban الذي هاجر مع إبراهيم إلى فلسطين.
(٥) الرهاRages هي مدينة «أورفة» ذاتها سماها اليونانيون أديساEdessa واسمها السرياني أورهوي وهي قصبة بلاد مضر التي كانت تعرف قبلا باسم بلاد «أوسرهون» أو مملكة أو سيرهون العربية وأول ملوكها أورهاي برحويا الذي بدأ حكمه سنة ١٣٣ ق. م. وقد أحرقها الرومان سنة ١١٦ م ثم جددها الامبراطور جستنيان سنة ٥٤٥ م وسماها باسمه جستانبولس وقد انتزعها المسلمون من حاكمها اليوناني سنة ٦٣٧ م بقيادة عياض بن غنم.