يمتد مسيرة عدة أيام إلى «أورفه» وقد بانت على جانبي الطريق عدة قرى ومن بعدها ظهرت المدينة قبالتنا بقلعتها القائمة على أحد التلال بشكل بهيج.
دخلنا المدينة ليلة الثلاثين من كانون الثاني ، فذهبنا للإقامة في نزل واسع حسن البناء مكثنا فيه أربعة أيام.
وهذه المدينة لطيفة جدّا وكبيرة نوعا ما ، ومزودة بحصون قوية ، وقد كانت المدينة والمنطقة كلها تعود قبلا إلى ملك فارس ، أما الآن فإنها من أهم الأنحاء التي تخضع للسلطان التركي.
وتنشط التجارة في أورفة نشاطا جيدا ، ويكثر الاتجار فيها بمختلف أنواع الأقمشة المزركشة ، يصنع البعض منها في المدينة ذاتها ، ويصدر إلينا في أوروبا ، بالإضافة إلى التعامل بمختلف أنواع السلع التي يؤتي بها من حلب ودمشق واسطنبول وغيرها ، والتي ترسل من هناك إلى ديار بكر في مدى خمسة أيام ومن ثم تنقل إلى ماذي وفارس والهند وغيرها.
ولقد ذكر البعض أن هذه المدينة كانت تعرف قديما باسم (حران) أو «كراس» (١) ومنها ارتحل الرسول «إبراهيم» (٢) مع زوجته (سارة) وابن أخيه «لوط» (٣) ـ تنفيذا لأمر الله الذي أصدره إليه (سفر الخليقة الإصحاح ١٢) ـ إلى «أرض كنعان» (٤) التي وعده الله بها.
__________________
(١) حران Haran وكراس Charras هو اسمها اليوناني في حين سماها الرومان «كاريا» كانت قصبة «ديار مضر» قبل الإسلام ، وهي تقع على مقربة من منبع نهر البليخ بين «الرها» و «رأس العين» سماها الكلدانيون «حرانوا» افتتحها المسلمون صلحا بقيادة عياض بن غنم سنة ٦٣٩ م.
(٢) إبراهيم الخليل الذي ذكر أن موطنه الأصلي أور ثم رحل إلى حران ومنها انتقل إلى فلسطين.
(٣) لوطLot.
(٤) أرض كنعان هي فلسطين التي استقر فيها إبراهيم الخليل في مدينة الخليل التي