آثار قليلة) فلا يوجد شيء سوى ينابيع تسقي البساتين ، وذلك ما كان بعض التجار في المدينة يتذكرونه. غير أن هذه البساتين قد طغت عليها مياه البحر فأتلفتها وغطتها بالرمال ، فلا ترى الآن في مواضعها سوى أراض رملية أشبه بالصحارى العربية. ومع ذلك فأهل طرابلس لا يحتاجون إلى المياه بسبب وجود عدد من الأنهار التي تنحدر مياهها من الجبال ، وتجري بعض هذه الأنهار عبر المدينة بينما تروي الأخرى الحقول والبساتين ، وعلى هذا فأهل طرابلس ليسوا في حاجة إلى الماء سواء لاستعماله في منازلهم أو لإرواء بساتينهم وحدائقهم.
أما المدينة الجديدة فهي غير محصنة تحصينا قويّا ذلك لأن الأسوار التي تحيط بها ضعيفة ، وأن في مستطاع أي امرىء أن يدخل المدينة ويخرج منها ، أثناء الليل ، من أماكن عديدة. على أنه توجد داخل المدينة قلعة تقبع على مرتفع قريب من الساحل وتقيم فيها حامية قليلة من الجند الإنكشاريين. ويعيش أهل المدينة في منازل واطئة واهنة البناء ذات سطوح منبسطة على غرار ما هو شائع منها في الشرق ، ذلك لأن القوم هناك يجعلون سطوح منازلهم مستوية بحيث تستطيع أن تمشي فوقها على امتداد المنزل كله ، كما يستطيع أصحاب المنازل المجاورة أن يسيروا على سطوح منازلهم لزيارة جيرانهم ، فضلا عن أنهم ينامون فوق هذه السطوح أيام الصيف أحيانا. وعلى هذا فإن من المصيب حقا ، ما قرأناه في إنجيل مرقس (الفصل الثاني) وإنجيل لوقا (الفصل الخامس) عن الرجال الأربعة الذين حملوا الرجل الأعمى إلى المسيح ، فلما لم يستطيعوا الوصول إليه ، بسبب شدة الزحام ، نقلوه من فوق سطوح المنازل ، ثم أنزلوه إلى أرضية الغرفة التي كان فيها السيد المسيح.
وليست لهذه المنازل أبواب أو مداخل كبيرة من الشارع مثلما هو عليه الأمر في بلادنا الأوروبية (عدا منازل قلة من التجار) ذلك لأنهم لا