يستعملون عربات الركوب أو الأثقال ، وإنما يقتصر كل بيت على باب صغيرة واطئة لا يزيد ارتفاعها عن ثلاثة أقدام أحيانا. وعلى هذا فليس في مستطاعك أن تدخل مثل هذه البيوت دون أن تحني رأسك. وفي كثير من البيوت الواسعة تكون هذه المداخل مظلمة إلى درجة يخيل فيها للمرء أنه داخل إلى كهف أو زنزانة. ولكن حين تمشي في هذا المدخل إلى البيت تجد فيه باحات واسعة يغتسل فيها أهل البيت ، كما تجد صالات كبيرة مبلطة بالإضافة إلى السلالم التي ترتفع بمقدار درجتين أو ثلاث ، وهي مبلطة تبليطا حسنا ومتينا بالرخام الذي يحافظون على نظافته ويغطونه بالسجاد الذي يجلسون عليه. ويقوم فوق هذه السلالم طاق يظل مفتوحا من جانب واحد حيث يجلس الأتراك تحته لينتعشوا بالهواء البارد ، وهذا ما يحدث أيام الصيف بصفة رئيسية.
وتغلق أبواب المنازل عادة بمغاليق مصنوعة من الخشب مجوفة من الداخل ، يغلقونها بمفاتيح خشبية أيضا يبلغ طولها طول الكف. وتدق في هذه المفاتيح خمسة أو ستة أو سبعة أو ثمانية أو تسعة مسامير أو أسلاك قوية على انتظام وتناسق في مسافات محدودة بحيث تتلاءم هذه مع المسامير الأخرى المثبتة داخل القفل فيدفعون بهذه المفاتيح إلى أمام أو يغلقونها من الخلف حسبما يشاؤون.
وشوارع المدينة ضيقة لكنها مبلطة بأحجار كبيرة وتقوم في وسطها قنوات يبلغ عرض الواحدة منها عشر بوصات وهكذا يستطيع البعير الموسق بالأحمال أن يسير فيها بأمان ، كما يستطيع المرء أن يخطو من فوقها أيضا. ويقول أهل المدينة إن هذه القنوات قد صنعت على هذه الشاكلة لكي ترغم الإبل والحمير وغيرها من الدواب الأخرى التي تصل المدينة في قوافل كبيرة كل يوم ، على السير فيها واحدا إثر الآخر وبانتظام ، في حين يستطيع الناس أن يسيروا في الشوارع دون أن تعيقهم تلك الدواب.