وكثيرا ما تكون هذه القنوات نظيفة وجافة وذلك لوجود مجار خفية مغطاة بأحجار واسعة. هذا بالإضافة إلى أن مياه الأمطار وكذلك مياه الآبار تنساب في هذه القنوات.
وليس لدى سكان طرابلس من الأبنية الجميلة القائمة ما يفاخرون به سوى المساجد التي لا يسمح لغير المسلم بالدخول إليها إلا إذا فكر في أن يتخلى عن دينه.
وهناك بعض المساكن الواسعة التي يسميها المواطنون المحليون «كروان صاري» (١) وهذه توجد فيها حوانيت أو مخازن كبيرة وعديدة ، تجاورها غرف منظمة في حين تقوم في الوسط باحة واسعة ، ويستطيع التجار الأجانب الذين يجلبون بضائعهم في قوافل كل يوم أن ينزلوا في هذه المساكن على اعتبار أن الأتراك لا يملكون فنادق أخرى غيرها.
وكل هذه المساكن أو الفنادق ملك خاص للسلطان أو للباشا الذي يتبعه ، وهي موجودة في عدد من المدن ، ويحصل القوم من ورائها على إيرادات سنوية مثلما يفعل ذلك البنادقة في مدينة البندقية خارج البيت الألماني منها.
وما خلا هذه المباني هناك الحمامات الفخمة التي تفوق المباني الأخرى بجمالها وتستحق المشاهدة فعلا.
ولما كان الأتراك والمسلمون والعرب وغيرهم ملزمين ، حسب الشريعة الإسلامية ، بالوضوء دوما لتنقية أنفسهم مما يقترفونه من الذنوب اليومية (٢) ، بل بالأحرى للذهاب إلى المسجد ، فإنهم لذلك يحتفظون
__________________
(١) كروان صاري عبارة تركية تعني المكان أو النزل الذي تقصده قوافل المسافرين وهو ما يعرف عندنا في العراق بالخان.
(٢) يحاول الرحالة أن يفصل الأتراك عن المسلمين ، وهذه هي النزعة الاستعمارية التي ما تزال تسعى إلى تفريق الشعوب وتمزيق وحدتها ، وتتجاهل هذه النزعة عمدا أن