الجنود الانكشاريون وحين يدخل أسيادهم القناصل إلى هذه الفنادق يصحبهم في ذلك عدد من التجار والخدم. ويتمتع هؤلاء القناصل بنفوذ كبير لدى الأتراك والمسلمين ، بل إن سلطتهم تتجاوز سلطة الباشا نفسه. فتراهم على الدوام يسيرون ويتقدمهم جنودهم بأعداد كبيرة وهم يحملون الهراوات الطويلة يضربون بها المارة لإخلاء الطريق حتى وإن كان أولئك المارة من الأتراك أنفسهم.
ويدخل التجار يوميّا في مفاوضات مع اليهود الذين يعرفون عدة لغات ، ويعلمون بالأسعار التي تباع بها السلع وتشترى. ولذلك ترى هؤلاء اليهود يساعدون في عقد صفقات بيع السلع ، وفي دفع النقود ، وتنظيم قوائم التحويل النقدي التي يحتفظون بجداولها.
ولقد رأيت بصفة رئيسة ثلاثة أنواع من النقود الفضية هي «الأسبر» (١) والمعدني ، والسيجست (٢). وهذه النقود جيدة وهي سارية المفعول في كل أنحاء تركيا. وحين يتم دفع مبالغ كبيرة منها لا يجري عدها كلها تماما وإنما يعد جزء منها يتم وزنه ، ومن ثم تقاس بقية النقود على أساس ذلك الوزن. أما عن النقود الذهبية فليس لديهم سوى «الدوكات» (٣) التي تصنع من الذهب الخالص وتكون نادرة جدّا. وما خلا ذلك يصعب رؤية أي من العملات الأخرى.
على أن هناك المزيد من الدوكات البندقية «التستون» (٤) و «الجواشيم» و «التالر» الفرنسية. وهم لا يدفعون مع هذه العملات
__________________
(١) الأسبرAspers عملة هولندية.
(٢) سيجست Saijest من عملات أوروبا الوسطى في ذلك الوقت.
(٣) الدوكةDocat عملة إيطالية كانت تعادل ستة شلنات انكليزية في ذلك الوقت.
(٤) تستون Teston وجواشيم Joachim وتاليرThaler وكلها من العملات الفرنسية التي كانت شائعة في فرنسا منذ العصور الوسطى.