قوائم الصرف والمبالغ الكبيرة حسب ، بل ويحولونها إلى عملاتهم الخاصة ، ولذلك يتوفر عدد كبير من اليهود في كل أنحاء تركيا وفي كل مدينة تجارية ، وبصفة خاصة في مدينة حلب وفي طرابلس هذه التي أنشأوا لهم فيها عمارة واسعة وبيعة فاخرة.
ويمسك هؤلاء اليهود بزمام إيرادات الكمارك التي يستوفيها السلطان التركي ، ولذلك فليس مستطاعا إرسال بضاعة ما إلى تركيا أو خروجها منها دون أن تكون تحت متناولهم ، وذلك أمر يسبب القلق الشديد لجميع التجار ، إذ إن على هؤلاء إن هم أرادوا شراء حاجة من اليهود ، أن يكونوا في منتهى الحذر من أن يغشوا لأن اليهودي مليء بالغش ، كما يعترفون هم أنفسهم بأن أحدا لا يستطيع الحصول على أي شيء منهم إلا إذا كان أكثر منهم خداعا ، كيما يجرأ على أن يقايض معهم سلعة بأخرى.
وبالنسبة إلى البضائع يشاهد المرء عدة أنواع منها في الخانات كما أشرت إلى ذلك قبلا. غير أن الجزء الرئيس من البضائع يتوفر في الأسواق أو في البيوت التي تتعامل بالبيع والشراء ، أو في محلات المقايضة. وهذه المحلات طويلة وواسعة يكون البعض منها على شكل أروقة ، والبعض الآخر مسقف بالأخشاب بحيث تستطيع أن تتمشى وتساوم وتشتري دون أن تبتل بماء المطر. كذلك تقوم على جانبي محلات المقايضة هذه حوانيت إضافة إلى أصحاب الحرف والصناعات وصانعي الأحذية والخياطين والسراجين ومطرزي الحرير والخراطين وصانعي السكاكين والنساجين والعطارين وبائعي الفواكه وصانعي الأدوات النحاسية وأدوات الطبخ وكثيرين غيرهم ممن تراهم موزعين في شوارع المدينة ومحلاتها.
ويبعث التجار بكميات كبيرة من الحرير إذ إن هناك عدد وفير منهم لا يتعاملون بأية بضاعة سوى الحرير الذي يؤتى به من المناطق المجاورة من أمثال لبنان التي يسكنها أناس كثيرون يمارسون صنع الحرير وغزله ،