ويستدعى لإدارة مثل هذه الأماكن مواطنون من سكنتها لا يمكثون فيها أكثر من نصف سنة ، وهم يبتون في كل المسائل الإجرامية ، ولديهم سلطة تعذيب المجرمين لإرغامهم على الاعتراف بجرائمهم ، كما أنهم يصحبون المجرمين الذين يحكم عليهم بالسجن أو الموت إلى الأماكن التي يتم فيها تنفيذ مثل هذه العقوبات.
وغالبا ما كنت أرى أولئك الجنود راكبين. وفي إحدى المرات شاهدتهم يصحبون مجرما حكم عليه بالموت وقد أركبوه على ظهر بعير ، وأوثقوا ذراعيه وساروا به إلى ساحة الإعدام بعد أن وضعوا بين صدره وكتفيه مصباحين متقدين مزودين بالشحم فكان الدهن المتقطر من الشحم يسيل على جسده فيحرقه بشدة.
وينفذ الأتراك عددا من العقوبات لجملة من الجرائم التي تقترف أعداد كبيرة منها ، ومنها معاقبة اللصوص والقتلة وقطاع الطرق والمغتصبين وما شاكلهم. وكذلك يستخدم الأتراك عددا كبيرا من الضباط والموظفين يبعثون بهم إلى مختلف الأصقاع لمطاردة الذين يشتبه بهم لخروجهم على القوانين وإلقاء القبض عليهم ، وضربهم وإصابتهم بجروح.
أما بالنسبة إلى الاعتداءات والمخالفات الأخرى فإن الأتراك يحاكمون أمام حاكم يسمونه «قاضيا» وهو من الملمين بالقوانين وممارسة المحاكمة وإصدار الأحكام بعد الاستماع إلى الشهادات وتمحيصها.
فإذا كان الحكم عن دين أودع المدين السجن في الحال إلى أن يسدد الدين الذي بذمته ، أو أن يجد وسيلة أخرى يضمن بها تسديد دينه ، وإن كان الحكم عن مخالفة للقانون حكم عليه بالغرامة أو الجلد.
ويعمل تحت إمرة القاضي عدد من الأتباع والجواسيس الذين يبعث بهم يوميّا للتجسس على من يخرقون القوانين ، من أمثال أولئك الذين