يتناولون المسكرات ، أو يمتنعون عن أداء الصلاة أو الصوم ، أو مخالفة القوانين الموضوعة بأية وسيلة أخرى. فإذا عثروا على واحد من هؤلاء جاؤوا به أمام القاضي الذي يفرض عليه العقوبة طبقا للذنب الذي اقترفه. فإذا لم يستطع دفع الغرامة مثلا حكم عليه بالجلد عدة مرات على قفا قدميه ، وإلا وجب عليه أن يدفع عن كل جلدة نصف «بني» ونظرا لكثرة أمثال هؤلاء المخالفين الذين يؤتى بهم أمام القاضي كل يوم ، ويحكم على القسم الأعظم منهم بالجلد ، فقد كنا أثناء وجودنا في الفندق الفرنسي ، الذي يقع قبالة مقر القاضي ، نسمع عويل أولئك التعساء وصراخهم.
ورغم انشغال القاضي بالبت في هذه المخالفات فإن قضايا الزواج تأخذ جزءا كبيرا من وقته. ذلك لأن كل من يريد أن يتزوج عليه أن يقصد القاضي ليعقد له عقد زواجه المثبتة صورته في كتاب بين يديه. ويعتمد عليه في حالة وقوع خلاف بين الزوجين حيث يحق للأتراك والمسلمين أن يتزوجوا من عدة زوجات ، وأن يطلقوهن لأدنى سبب (١). ويسلم القاضي المتزوجين نسخا من عقود الزواج التي تكتب لعامة الناس على ورق ناعم مستو. أما الأثرياء فتكتب عقود نكاحهم على قطعة من القماش الحريري الأبيض يبلغ طولها زهاء ياردة. ولا تشتمل هذه العقود إلا على كلمات قليلة يكتبونها بأحرف قصيرة ذلك أن كل قطعة من هذه القطع لا تحتوي أكثر من ثمانية أو عشرة أسطر تفصل بين كل سطر وآخر مسافة بوصتين. ولأداء هذه المهمة يحتفظ القاضي بجملة من الكتبة الذين غالبا ما يكتبون وهم يضعون أوراقهم على ركبهم بدلا من المناضد أو الموائد.
__________________
(١) هذا قول هراء من الرحالة فالمسلم لا يحق له أن تكون في عصمته ، وفي وقت واحد ، أكثر من أربع زوجات شريطة أن يعدل بينهن فإذا ما فقد العدل يقتصر الأمر على زوجة واحدة.
أما الطلاق فإنه لا يقع لأدنى سبب كما ذكر الرحالة ذلك فإن شروط الطلاق كثيرة وثقيلة ولا يسمح به إلا إذا توفرت تلك الشروط كلها.