يمشي فوقها ، فإنها أشبه بالأبنية التي شاهدتها في طرابلس. وقد شاهدت بين هذه الأبنية بناية فخمة جدّا قيل لي إن صاحبها أنفق على بنائها مبالغ طائلة ، لكن مدخلها ليس سوى باب ضيق واطئ ولذلك فإن على من يريد الدخول إليها أن يحني جسمه تماما.
وما خلا ذلك فإن حلب محاطة بتلال صخرية وأوديتها ذات تربة طباشيرية ومع ذلك فلا تعوزها الحنطة ولا الشعير وغيرهما من الحبوب لأن أرضها خصبة. ويبدأ الحصاد فيها عادة في شهري نيسان وأيار.
ولا يوجد في هذه الأودية سوى القليل من أشجار البلوط ، والأعشاب الجافة ، ذلك لأن الجفاف فيها شديد وأرضها رملية ، في حين ترى التلال وعرة مليئة بالأدغال ليس فيها سوى القليل من العشب الجاف ، ولذلك وجدنا السكان يعلفون مواشيهم بالشعير والتبن الذي تدوسه أدوات الدراسة التي تجرها الثيران. وكذلك وجدنا الأودية مليئة بأشجار الزيتون وهذا هو الذي جعل الأهلين هنا ينتجون في كل سنة مئات الألوف من أطنان زيت الزيتون الذي يستعمل في صناعة الصابون.
وإلى جانب ذلك توجد بساتين كثيرة لأشجار اللوز والتين والسفرجل والتوت الأبيض والفستق الذي يجمعه المسلمون في فصل الربيع بكميات كبيرة فيملحونه ويقشرونه ويأكلونه مثلما نفعل نحن بنبات الجنجل.
وفضلا عن ذلك تكثر بساتين البرتقال والليمون والرمان والخوخ وغيرها غير أن ثمار التفاح والكمثرى تعد قليلة بالنسبة إلى الثمار الأخرى وتكون صغيرة الحجم وغير ملونة بالشكل المعروف منها في بلادنا. ويعقب ذلك وجود كثرة من حاصلات الرقي والبطيخ والخيار وما شاكلها فضلا عن وفرة أنواع الخضار. ولقد شاهدت ثلاثة أنواع من الباذنجان تختلف ألوانه بين الأسود والبني ، والفاصوليا وغيرها من الخضار التي