المساجد ، أو إلى أي مكان آخر يفكرون في الذهاب إليه وذلك في مواكب كبيرة سيرا على الأقدام أو على ظهور الخيل ، ولهم شاراتهم الخاصة بهم ولا سيما البلك باشا الذي يكون في رتبة تعادل رتبة نقيب ، وتحت إمرته مائة من الجند الإنكشاريين الذين يرتدون الملابس الفاخرة ويضعون الريش في رؤوسهم ويسيرون على الأقدام. وما خلا ذلك فإن بلاطات الباشوات تشبه بلاط السلطان نفسه تماما ، ولهم أماكن سكناهم هم ومحظياتهم اللواتي يحصلون عليهن من هنا وهناك ، من المدن والأقطار الأجنبية ، أو اللواتي ينقلن زمن الحرب في البر والبحر من الأمم المسيحية وغيرها. كذلك يحتفظ هؤلاء الباشوات بعدد كبير من الخصيان الذين يحصلون عليهم باستمرار.
ويسر الباشوات سرورا كبيرا بممارسة الصيد وغالبا ما يقومون برحلات تستغرق عدة أيام في حملات الصيد هذه. وحين يصطادون خنازير برية يتركونها للمسيحيين ، ذلك لأن شريعتهم الإسلامية تحظر عليهم تناول لحم الخنزير ، الأمر الذي يجعل الأتراك في معظم الأحيان يهزأون بالمسيحيين في الشوارع ويصرخون بهم ويسمونهم بالكفرة أو أكلة الكلاب (١).
ومع أن الباشوات هم من كبار الأشخاص وأنهم يحكمون المدن والبلدان إلا أنهم يعتبرون مع ذلك ، ومثل البقية ، أرقاء لسيدهم السلطان ، وأنهم لا يستطيعون أن يمتلكوا ما يستطيعون تركه لورثتهم أو ذريتهم بعد
__________________
(١) هذا القول محض كذب وافتراء على الأتراك وغيرهم من المسلمين فعلى العكس من ذلك قامت الشريعة الإسلامية على أساس احترام جميع الأديان التي سبقتها ولقد بقي الكتابيون محافظين على طقوسهم وشعائرهم الدينية في ظل الدولة الإسلامية ابتداء من عهد الرسول وحتى في عهد السلاطين العثمانيين وكانت الحظوة التي لقيها المسيحيون في البلاط العباسي على الأخص مضرب المثل في التسامح الذي جاء به الإسلام.