وأكثر من هذا فإن هؤلاء الباشوات يستولون ، بعد وفاة الأغنياء من رعاياهم على أكبر جزء وأعظم نصيب مما يخلفه أولئك المتوفون ، ويودعونه في جيوبهم. ولذلك فإن أمثال هؤلاء الناس لا يعانون أية آلام أو يتحملون أية نفقات في سبيل بناء منازلهم أو فلاحة أراضيهم مثلما نعاني ذلك نحن في بلادنا.
والغالب أن يعيش السكان في المدن والقرى التجارية في بيوت أو صالات واطئة معظمها تحجبها التلال بحيث لا تستطيع أن تراها إلا إذا أصبحت أمامها مباشرة. حتى إذا ما ولجتها لا تجد فيها كراسي أو مقاعد أو موائد فكل ما هناك قطعة مزدوجة من سجاد يجلسون عليه (إذ إنهم لا يستعملون الأسرة الوثيرة إطلاقا) ، وحصرا وأبسطة يلفونها سوية خلال النهار ويعلقونها في إحدى الزوايا ، ثم يفرشونها ثانية أثناء الليل ليناموا عليها. وهم لا يستعملون الشراشف كما نفعل نحن ذلك ، ولا المناشف أيضا وكل ما يستعملونه خرقة طويلة من القماش يلفون بها رقابهم العارية أو يتمنطقون بها. وكثيرا ما يشاهد في منازلهم وفي كل أنحاء بلادهم جملة من الأوعية الطينية غريبة الأشكال تغطي كل جوانب الجدران في الغرف ممّا اعتاد أقاربهم أن يهدوهم إياه أثناء الخطوبة الأمر الذي يسرهم كثيرا ، لكنهم يستعملون هذه الأوعية ليس لغرض الذكرى وإنما لأي نوع من الاستعمال.
ولا يستخدمون في مطابخهم سوى أدوات قليلة جدّا من أمثال القدور والصحون والأواني ذلك لأنهم يطبخون كل أطعمتهم سوية في قدر واحد ولذلك لن يتعب الخدم عندهم في تنظيف الأواني وترتيبها.
وهم لا يهتمون بالملابس اهتماما كافيا رغم نجاحهم في الحصول عليها. ذلك لأنهم يحبون المال حبّا جمّا ولا ينفقون طيلة اليوم بنسا واحدا دون رضا منهم. ولذلك فإن على الرجل الذي يريد الطواف في هذه الأقطار أن يكون كيسه مليء بالنقود وأن يحفظها قريبة جدّا منه ، وأن