لا يدع أحدا يعرف مقدار ما فيها ، وأن يكون في منتهى الحذر من اليهود الذين لا يؤتمنون ، إذا ما أردت الخلاص من خطر جسيم ، ذلك لأن اليهود لا يؤدون لك أية خدمة كانت من دون مكافأة. وليس هذا حسب بل إنهم إذا ما أحسوا بأنك تحمل نقودا معك راحوا يسعون بكل الوسائل لابتزازها منك. وعلى هذا فإن الناس الذين يحجون إلى فلسطين ويرتدون ملابس رثة لا يأبهون بهؤلاء اليهود.
ويشاهد ندمان الباشا ، ومنهم الخصايا والدراويش الذين يحتفظون بأعداد كبيرة منهم ، يتهادون في أردية الحرير الطويلة الحسنة التفصيل التي يزودهم بها سيدهم ويوزعها عليهم وهي في الأصل هدايا قدمت إليه.
أما الجند من الخيالة والإنكشاريين وغيرهم ، فإنهم يحصلون عادة على ملابس صوفية زرقاء من البلاط ، ويعيشون على المرتب الذي يتقاضونه وهو يبلغ إما أربعة «معدني» أو خمسة أو ستة أو سبعة أو ثمانية. وكل معدني يعادل ثلاثة «فارثنغات» (١).
ويقل هذا المرتب أو يزيد تبعا للأماكن التي يعمل الجند فيها ، وهو يدفع لهم يوميّا سواء في ذلك أيام السلم أم أيام الحرب.
أما إذا ما استطاع الجند أن يحصلوا على أي شيء بالقوة أو بالحرب من أعدائهم فإن ذلك يكون ملكا خاصّا لهم.
والعادة الجارية هي أن يعتمر الجنود بعمائم بيضاء ، وذلك ما يفعله جميع الأتراك. وفضلا عن هذا فإنهم يضعون ورقة ملونة تحت العمامة ، ويفعلون ذلك بصفة رئيسة عند ما يتوجهون إلى الحرب اعتقادا منهم أنهم إن فعلوا ذلك فلن يصابوا بأذى أو جرح.
كذلك يثبت الجند في عمائمهم ريشا من ريش الكركي لكي
__________________
(١) الفارثنغ Farthing أصغر عملة إنكليزية وهي تعادل ـ قبل التسعير الأخير في إنكلترا ـ مليما مصريّا أو فلسا عراقيّا.