ذلك لأن أمثال هؤلاء الكتاب يحصلون على قدر من النقود كل يوم لقاء ما ينسخونه من كتابات النبي «محمد» فيجنون من وراء ذلك أموالا طيبة حيث تشاهد هؤلاء الكتاب بعمائمهم الكبيرة التي تميزهم عن الآخرين (١).
والورق الذي يكتب عليه هؤلاء الكتاب صقيل عادة. وهم يكتبون حروفهم بكلمات قليلة. وحين يرسمون هذه الحروف في أعلى الورقة يطوونها بحيث لا يزيد عرضها عن بوصة واحدة ومن ثم يملأون الشقوق الخارجية في الورقة بالشمع من الداخل ، ويلصقون الواحدة بالأخرى بلصاق يستعملونه لهذا الغرض ويختمون أسماءهم عليها بأختامهم التي تدهن بالحبر فلا يبقى فيها أي بياض سوى الحروف.
وتصنع هذه الأختام بصفة عامة في دمشق التي يوجد فيها أحسن الفنانين في هذه الصنعة. وهم يصنعونها من الحديد ولا يكتبون فيها شيئا سوى أسمائهم.
وهم لا يستعملون الورق الذي سبق لهم أن كتبوا عليه على الرغم من توفره بكميات كبيرة. كما أنهم لا يصنعون أي شيء فيه ولا يستعملونه لأي غرض. ومع ذلك فإذا ما وجدوا شيئا من هذا الورق المكتوب في الشارع فإنهم لا يتركونه ملقى هناك بل يلتقطونه ويطوونه بعناية ثم يضعونه في غار يصادفونه مخافة أن يكون اسم الله مذكورا في الكتابة المدونة عليه.
وبدلا من هذه الأوراق المكتوبة يستعمل العطارون أوراق شجر «القلقاس» التي يحتفظون بمخازن كبيرة منها.
__________________
(١) إن ما قصده الرحالة بعبارة «كتابات النبي محمد» هو الأحاديث النبوية الشريفة التي تتم الأحكام الواردة في القرآن الكريم وتعد كالقرآن ذاته ، ركنا من أركان الشريعة الإسلامية السمحاء.