خان قريب منهم ، وعندئذ يمسحون شعر رأسه بالصابون ثم يحلقونه كله ولا يبقون منه سوى خصلة طويلة تتدلى من وراء على ظهره.
وفي المدينة أماكن لبيع الرقيق من كلا الجنسين ، كبارا وصغارا ، يباعون بأسعار مرتفعة أو منخفضة تبعا لقوتهم وجمالهم وما شاكل ذلك.
ولم أشاهد في هذه البلاد أية عجلات أو مركبات ويبدو أن هذه ليست مستعملة لديهم. كما أنني لم أعثر في هذه المدينة الكبيرة على صانع أسلحة يستطيع أن يصلح أي عطب يحدث في مغلق البندقية ، على الرغم من وفرة التجارة التي يؤتى بها يوميّا إلى هذه الأسواق ، حيث تستطيع أن تجد فيها ، وفي كل أوقات النهار ، عددا كبيرا من أبناء مختلف الأمم يطوفون فيها جيئة وذهابا ويسببون الازدحام في هذه الأسواق حتى لكأنك في معرض من المعارض.
وغالبا ما تجد بين هؤلاء المتجولين عددا من الأتراك السكارى الذين يتدافعون مع الناس الذين لا يفسحون الطريق أمامهم ولا سيما إن كان أولئك الناس من المسيحيين (١). ولهذا ترى المسيحيين لا يخشون مثل هؤلاء السكارى حسب بل يعدون أنفسهم لمثل ذلك مسبقا فإذا ما أبصروا أحدهم ـ وهم لا يسيرون إلا وحراسهم معهم ـ استداروا إلى جهة أخرى أو إلى واجهة أحد الحوانيت. وكثيرا ما يحدث أن يحني بعض الأتراك ظهورهم تجاه الحوانيت فإن مر بهم أحد المسيحيين مدوا واحدة
__________________
(١) هذا ادعاء باطل لا أساس له من الصحة إطلاقا. ذلك لأن أحدا أيّا كان من الناس لا يجرأ في تلك الأيام على أن يتظاهر بالسكر ، وتناول الخمور بله أن يسير في الشوارع سكران. ولقد انتشرت المسكرات في البلدان الإسلامية بتسلط المستعمرين الإنكليز والفرنسيين والإيطاليين والهولنديين وغيرهم عليها ، إذ سارع هؤلاء المستعمرون إلى افتتاح الحانات علانية فأصبح تناول المسكرات يجري علانية كما هو ظاهر الآن في العراق وفي بلدان إسلامية أخرى. كما أنه لم يكن للمسيحيين في ذلك الوقت زي خاص يعرفون به حتى يتعمد الأتراك مضايقتهم كما ادعى المؤلف ذلك.