اذن فيقال : ما قيمة سبع سنين ، أو تسع ، أو تسع عشرة وأشهر ، أو عشرين ، أو ثلاثين ، أو أربعين ، في حساب مكث البشريّة طوال تاريخها الطويل في الشدائد والمحن والظلم والجور.
والجواب عن ذلك : أنّه قد ظهر لك أنّه لا اعتداد بأخبار الآحاد في مثل هذه الامور الّتي لا يأتي الاعتقاد بها منها ، وحيث لم يصل إلينا خبر قطعي من الرسول الصادق المصدّق صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن أوصيائه وورثة علمه بتعيين مدّة ملكه ، فنترك الاحتمالات بحالها ، فمنها : أنّها على ما في بعض الأخبار تبلغ ثلاثمائة وتسع سنين ، ومنها : امتداد الزمان ، فيكون يوم كشهر ، وشهر كسنة ، ولا بعد ، فإنّه كما يوسع المكان والفضاء ، قال الله تعالى : (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (١) يوسع الله تعالى الزمان ، قال الشبلنجي : السنة من سنيه مقدار عشر سنين (٢). وقال البكري في الهدية : والّذي يلوح للسرّ الممنوح أنّه يمتدّ الزمان ، ويتّسع له الأوان (٣). ويؤيّد ما قالاه بعض الأخبار. ومنها : أنّها يمتدّ نظامها بامتداد الرجعة على بعض التفاصيل المذكورة في الأخبار ، ومنها غير ذلك.
فإن قلت : قد علم ذلك ممّا ذكرت ، ولكن لنا ردّ هذه الأخبار الواردة في مدّة ملكه ، سيّما ما حدّدتها بمدّة قصيرة ، مثل : الخمس ، والسبع ، والتسع ، ونحو ذلك بالبيان السابق.
قلت : أوّلا : يمكن حمل المدّة المعلومة في هذه الأخبار على الرمز ، بشهادة خبر «عقد الدرر» (٤) عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وخبر
__________________
(١) الذاريات : ٤٧.
(٢) نور الأبصار : ص ١٨٩.
(٣) العطر الوردي : ص ٧٠.
(٤) تقدم تحت الرقم ١١٩٩.