فيه ظاهر مع ظهور الآفة به من عور عينيه ، فإذا دعا الناس إلى أنّه ربّهم فأسوأ حال من يراه من ذوي العقول أن يعلم أنّه لم يكن ليسوّي خلق غيره ويعدّله ويحسّنه ، ولا يدفع النقص عن نفسه ، فأقلّ ما يجب أن يقول : يا من يزعم أنّه خالق السماء والأرض! صوّر نفسك وعدّلها ، وأزل عنها العاهة ، فإن زعمت أنّ الربّ لا يحدث في نفسه شيئا فأزل ما هو مكتوب بين عينيك.
ثمّ قال ابن حجر : وقال القاضي عياض : في هذه الأحاديث حجّة لأهل السنّة في صحّة وجود الدجّال ، وأنّه شخص معيّن يبتلي الله به العباد ، ويقدره على أشياء ؛ كإحياء الميّت الّذي يقتله ، وظهور الخصب والأنهار ، والجنّة والنار ، واتّباع كنوز الأرض له ، وأمره السماء فتمطر ، والأرض فتنبت ، وكلّ ذلك بمشيئة الله تعالى ، ثمّ يعجزه الله فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ... (١).
وقال ابن كثير : استدلّ بعضهم على أنّ الخارق قد يكون على يد غير الولي ، بل قد يكون على يد الفاجر والكافر أيضا ، بما ثبت عن ابن صيّاد أنّه قال : هو الدّخ حين خبأ له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) ، وبما كان يصدر عنه أنّه كان يملأ الطريق اذا غضب حتّى ضربه عبد الله بن عمر ، وبما ثبتت به الأحاديث عن الدجّال بما يكون على يديه من الخوارق الكثيرة ، من أنّه يأمر السماء أن تمطر فتمطر ، والأرض أن تنبت فتنبت ، وتتّبعه كنوز الأرض مثل اليعاسيب ، وأن يقتل ذلك الشابّ ثمّ يحييه ، إلى غير ذلك
__________________
(١) فتح الباري (شرح صحيح البخاري) : ج ١٦ ص ٢١٨ ـ ٢٢٠ (باب لا يدخل الدجال المدينة).