المتناثر من الحديث المتواتر» : وقد ذكروا أنّ نزول سيّدنا عيسى عليهالسلام ثابت بالكتاب والسنّة والإجماع (١).
ولا ريب أنّ الأصل في هذا الاتّفاق والإجماع ، وإرسال جميع أكابر محدّثي أهل السنّة والشيعة ومفسّريهم حياة عيسى عليهالسلام ونزوله في آخر الزمان إرسال المسلّمات ، هو الكتاب والسنّة المتواترة الّتي لا مجال لإنكار تواترها المعنويّ ، فصار هذا عقيدة للمسلمين ، أخذها الخلف عن السلف من زماننا هذا إلى عصر الرسالة.
ومع ذلك يرى أنّه قد وقع أخيرا مورد التشكيك من بعض كتّاب العصر الحديث ، وتلامذة مدرسة الشيخ محمّد عبده ؛ اولئك الّذين لا يؤمنون بالمعجزات الكونيّة ، أو يخفون عقيدتهم بها وحاولوا تأويلها بتعليلها واستنادها إلى العلل المادّية ، أو حملها على الرمز حذرا من أن تقع مورد استبعاد أفكار من لا يؤمن بالله وبعالم الغيب ، وأن يأخذ هؤلاء المادّيّون ، ومن يحذو حذوهم ويميل إلى طريقتهم من الشباب المتأثّرين بكلمات هؤلاء الماديّين على المؤمنين بإيمانهم بامور لا توافق السنن العاديّة الطبيعيّة الّتي يظنّها هؤلاء عللا تامّة للحوادث الطبيعيّة ، فأنكر هؤلاء المتّسمون بأهل الثقافة الحديثة الخوارق ؛ مثل : رفع عيسى حيّا ، وامتداد حياته ، وبعض المعجزات العظيمة الهائلة ؛ خوفا من ردّها من جانب أصحاب المادّة ، أو ميلا إلى آرائهم وأفكارهم الإلحاديّة.
ولا يخفى عليك أنّ ما يؤمن به المؤمن بالله تعالى من خلقه ما سواه أكبر من جميع هذه الخوارق والمعجزات ، إذا فما نستفيد من تأويل المعجزات ، وصرف النصوص المتواترة عن مداليلها المعلومة المقبولة لدى
__________________
(١) لوامع الأنوار البهيّة : ج ٢ ص ٩٤ و ٩٥.