الحسن عليهمالسلام وهم يقولون : يا حسين ، إنّك رائح إلينا عن قريب ».
فلطمت زينب على رأسها وصاحت ، فقال لها الحسين عليهالسلام : « مهلاً ، لا يشمت القوم بنا فيقولون جبن أبو عبد الله عن القتال ».
فلمّا جاء الليل جمع أصحابه ـ وكانوا نيفا وسبعين رجلاً ـ فحمد الله وأثنى عليه وقال : « إنّي لا أعلم أصحاباً أصلح منكم ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوفى من أهل بيتي ، فجزاكم الله عنّي خيراً ، فهذا الليل قد غشيكم ، فاتخذوه ستراً جميلاً ، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، وتفرّقوا في سواد هذا الليل ، وذروني وهؤلاء القوم فإنّهم لا يريدون غيري ».
فقال له إخوته وأبناؤه وأبناء عبد الله بن جعفر : « لم نفعل ذلك لنبقي بعدك ، لا أرانا الله ذلك أبداً » ، بدأهم بهذا القول العباس بن علي وتبعته الجماعة.
قال : ثمّ نظر الحسين إلى بني عقيل وقال : « حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم ، اذهبوا فقد أذنت لكم ».
قال : فأجابوه وقالوا : « يا ابن رسول الله ، ما يقول الناس لنا وما نقول لهم إذا تركنا شيخنا وكبيرنا وابن بنت نبيّنا لم نرم معه بسهم ولم نطعن معه برمح ولم نضرب معه بسيف ، لا والله يا ابن رسول الله لا نفارقك أبداً ، ولكنّا نقيك بأنفسنا حتّى تقتل بين يديك ونرد موردك ، فقبّح الله العيش بعدك ».
ثمّ قام مسلم بن عوسجة فقال : « نحن نخلّيك هكذا وننصرف عنك وقد أحاط بك الأعداء ؟! لا والله لا يرانا هكذا أبداً حتّى أكسر في صدورهم رمحي وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ، ولو لم يكن معي سلاح لقاتل [ ت ] هم بالحجارة ولا أفارقك أو أموت معك ».
ثمّ قام سعيد بن عبد الله الحنفي وقال : « لا والله يا ابن رسول الله ، لا نخليك أبداً حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا وصية رسول الله فيك ، والله لو علمت أنّي أقتل فيك ثمّ أحيىٰ ثمّ أحرق حيّاً ثم أذرى في الهواء يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتّى ألقيى حمامي دونك ».