ثمّ قام زهير وقال : « والله يا ابن رسول الله ، وددت أن أقتل ثمّ أنشر حتّى يفعل بي ذلك ألف مرّة وأنّ الله يدفع بي عنك وعن هؤلاء الفتية من إخوانك وولدك وأهل بيتك ».
وتكلّم جماعة من أصحابه بمثل هذا الكلام ونحوه ، فجزاهم الحسين خيراً وقال لهم : « ارفعوا رؤوسكم وانظروا إلى منازلكم ». فرفعوا رؤوسهم وجعل يقول لهم : « هذا منزلك يا فلان ، وهذا منزلك يا فلان » ، فجعل الرجل منهم يستقبل الرماح والسيوف بنحره وصدره ليصل إلى مكانه من الجنّة (١).
ولله درّ من قال من الرجال الأبدال :
عشقوا الفنا للدفع لا عشقوا |
|
العنا للنفع لكن أمضي المقدور |
وتمثّلت لهم القصور وما بهم |
|
لولا تمثلت القصور قصور |
ما ساقهم للموت إلاّ دعوة الر |
|
حمن لا ولدانها والحور |
فطوبى لها من نفوس سلت [ عن ] هذه الدار فسالت على واردات اليعاسب ، وطلقت القرار فعانقت حداد القواضب ، وعشقت داني الجوار فهان عليها قدّ السباسب ، ومالت إلى الفخار فامتطت ظهور السلاهب ، قادها طيب النجار بأزمّة التجارب إلى مركز البوار لتفوز بالمطالب ، أو لا تكونون يا ذوي الأبصار والشيعة الأطايب كمن تذكّر أولئك الأقمار فغدى عن البشر عازب ، وتصوّر ما حلّ بالأكرمين الأبرار من الأرزاء والنوائب ، فرثاهم ببعض الأشعار وأقام عليهم النوادب ، وصلى الله على محمّد وآله الأطايب.
__________________
(١) ورواه الطبري في تاريخه : ٥ : ٤١٧ ـ ٤٢٠ مع اختلاف في بعض الألفاظ وتقديم وتأخير في الكلمات.