إذا انتضى بردة التشكيل عنه تجد |
|
لاهوت قدس تردّى هيكل البشر |
روي أنّه لمّا كان اليوم العاشر من المحرّم ـ وما أدراك ما اليوم العاشر ، يومٌ لا سؤدد إلاّ وانقضى ، وحسامٌ للعُلى إلاّ وفُلاّ ـ أمر الحسين عليهالسلام بفسطاطه فضرب ، وأمر بجفنة فيها مسك ، كثير وجعل عندها نورة ، وجعل يطلي وبرير بن خضير الهمداني وعبد الرحمان الأنصاري واقفان بباب الفسطاط ليطليا بعده ، فجعل برير يضاحك عبد الرحمان ، فقال له عبد الرحمان : يا برير ، ما هذه بساعة ضحك ولا باطل !
فقال له برير : « لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً ، وإنّما أفعل ذلك استبشاراً لما نصير إليه ، والله ما هو إلاّ أن تميل القوم علينا بأسيافهم فنعانق الحور العين ». قال : فسرّه كلامه (١).
ثمّ إن عمر بن سعد لعنه الله رتّب عسكره ميمنة وميسرة وقلباً وجناحين ، فجعل ابنه حفصاً على ميمنته ، وعمرو بن الحجاج على ميسرته ، وحميد بن مسلم على [ ال ] جناح الأيمن ، والشمر على [ ال ] جناح الأيسر ، ووقف هو في القلب ومعه صناديد الكوفة (٢).
ثمّ أمر النبّالة أن تتقدّم أمام القوم وأمرهم أن يرشقوا عسكر الحسين بالسهام ، فتقدّم اثنا عشر ألف نبّال وأوتروا ، فأقبلت السهام كأنّها قطر السماء فقال الحسين عليهالسلام لأصحابه : « قوموا رحمكم الله إلى الموت الّذي لابدّ منه ، فهذه السهام رسل القوم إليكم (٣) ».
ثمّ إنّه رفع يده إلى السماء وقال : « اللهمّ أنت ثقتي في كلّ شدّة ، ورجائي في كلّ
__________________
(١) ورواه السيد بن طاوس في الملهوف : ص ١٥٤ مع اختلاف لفظي قليل ، وعنه في البحار ٤٥ : ١.
ورواه الطبري في تاريخه : ٥ : ٤٢٣.
(٢) انظر إرشاد المفيد : ٢ : ٩٥ ، وتاريخ الطبري : ٥ : ٤٢٢.
(٣) ورواه السيد ابن طاوس في الملهوف : ص ١٥٨.