فأصرخناكم موجفين (١) ، شحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا ، وحششتم (٢) علينا ناراً أضرمناها على عدوّكم وعدوّنا ، فأصبحتم ألباً (٣) على أوليائكم ويداً لأعدائكم ، من غير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، ولا ذنب كان منّا إليكم ، فمهلاً لكم الويلات إذ كرهتمونا والسيف مشيم والجأش (٤) طامن والرأي لما يستصف ، ولكنّكم أسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدبا وتهافتمّ إليها كتهافت الفراش ، ثمّ نقضتموها سفهاً وضلّة ، فبعداً وسحقاً لطواغيت هذه الأمة ، وبقيّة الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ومطفئ السنن ، ومخالفي الملل ، ومؤاخي المستهزئين الّذين جعلوا القرآن عضين ، وعصاة الايمان ، وملحقي العهرة بالنسب ، لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، فهؤلاء تعضدون وعنّا تتخاذلون.
أجل والله الخذل فيكم معروف ، نبتت عليه أصولكم ، وتآزرت عليه عروقكم ، فكنتم أخبث شجرة للناظر ، وأكلة للغاصب ، ألا لعنة الله على الظالمين الناكثين ، الّذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها وقد جعلوا الله عليهم كفيلاً.
ألا وإن الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلّة والذّلة ، وهيهات له منّا الذّلة ، أبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحجور طهرت ، وبطون طابت ، أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.
ألا وإنّي زاحف بهذه الأسرة مع قلة العدد وكثرة العدوّ وخذلة الناصر ».
وتمثّل صلوات الله عليه بهذه الأبيات :
فإن نهزم فهزّامون قدماً |
|
وإن نغلب فغير مغلّبينا |
فما إن طبّنا جبن ولكن |
|
منايانا ودولة آخرينا |
__________________
(١) المثبت من المصدر ، وفي النسخة : « مرجفين ».
(٢) في الملهوف : « سللتم علينا سيفاً لنا في ايمانكم وحششتم ».
(٣) الألب : القوم يجتمعون على عداوة إنسان. ( المعجم الوسيط ).
(٤) الجأش : النفس أو القلب ، ويقال هو رابط الجأش ثابت عند الشدائد. ( المعجم الوسيط ).