يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جافون ، أبوك الحسين بن علي ، وأمّك فاطمة الزهراء وجدّك رسول الله صلىاللهعليهوآله .
قال : فالتفت إلَيّ وقال : « هيهات هيهات يا طاووس ، دع عنك حديث أبي وأمّي وجدّي ، خلق الله الجنّة لمن أطاعه وخلق النّار لمن عصاه ، أما سمعت قوله تعالى : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) (١) » (٢).
وكم له من مكارم أخلاق جلبت النفوس إليها ، ومن عبادات ودعوات للملك الخلاّق صغت العقول من ذوي العقول ولوّت أعضادها عليها ، كما روى عن أبي خالد الكابلي قال : لقيني يحيى ابن أمّ طويل رفع الله درجته ، وهو ابن داية زين العابدين عليهالسلام ، فأخذ بيدي وقال : نمضى إلى سيّدنا عليّ بن الحسين عليهالسلام ، فصرت معه إليه ، فلّما دخلنا عليه رأيته في بيت مفروش بالمعصفر مكلّس الحيطان وعليه ثياب مصبّغة ، فلم أطل عنده الجلوس لما رأيت عليه من الثياب ، فلمّا نهضت قال لي عليهالسلام : « صر إليّ في غد إن شاء الله ».
فخرجت من عنده وقلت ليحيى : أدخلتني على رجل يلبس المصبّغات ؟! وعزمت أن لا أرجع إليه ، ثمّ إنّي فكّرت في أنّ رجوعي إليه لا يضرّ بي ، فصرت إليه في غد فوجدت الباب مفتوحاً ولم أر أحداً ، فهممت بالرجوع فناداني من داخل الدار فظننت أنّه يريد غيري ، فصاح بي : « يا كنكر ادخل ». وهذا اسم كانت أمي سمتني به لا يعرفه غيري وغيرها أحد ، فدخلت عليه فوجدته جالساً في بيت مطيّن على حصير من البردي وعليه قميص من الكرابيس وعنده يحيى ، فقال : « يا أبا خالد ، إني قريب عهد بعروس ، وإنّ الّذي رأيته بالأمس من زيّ المرأة (٣) ولم أرد مخالفتها ».
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٣ : ١٠١.
(٢) رواه ابن شهر آشوب في المناقب : ٤ : ١٦٣ في زهده عليهالسلام مع اختلاف في بعض الألفاظ ، وزاد في آخره بعد ذكر الآية : « والله لا ينفعك غداً إلاّ تقدمة تقدّمها من عمل صالح ».
(٣) في عيون المعجزات : « من رأي المرأة ».