وروي في الكتاب المذكور عن محمّد بن عبد الله السكري (١) قال : قدمت المدينة أطلب ديناً فأعياني فقلت : لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى عليهالسلام فشكوت إليه ، فأتيته [ بنقمى ] (٢) في ضيعته ، فخرج إليّ ومعه غلام بيده منسف فيه قديد مجزّع (٣) ليس معه غيره ، فوضعه فأكل وأكلت معه ، وسألني عن حاجتي فذكرت له قصّتي ، فدخل فلم يقم إلاّ يسيراً حتّى خرج ، ثمّ قال لغلامه : « اذهب » ، ومدّ يده فدفع إلَيّ صُرّة فيها ثلاث مئة دينار ، ثمّ قام وعاد إلى ضيعته ، وقمت وركبت وانصرفت (٤).
وروي في الكتاب المذكور أنّ رجلاً من ولد عمر بن الخطّاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسى عليهالسلام ويسبّه إذا رآه ويشتم عليّاً عليهالسلام فقال له أصحابه : دعنا نقتل هذا الفاجر ، فنهاهم عن ذلك وزجرهم أشدّ الزجر ، وسأل عن العمري فأخبر أنّه خرج إلى زرع له ، فخرج إليه ودخل المزرعة بحماره ، فصاح به العمري : لا توطئ زرعنا ، فتوطّاه أبو الحسن عليهالسلام بالحمار حتّى وصل إليه ، فنزل وجلس وباسطه وضاحكه وقال : « كم غرمت على زرعك هذا » ؟
__________________
ورواه المفيد في الإرشاد : ٢ : ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ، والراوندي في الخرائج : ٢ : ٦٤٩ / ١ ، وابن حمزة في الثاقب في المناقب : ٤٥٦ / ٣٨٤ ، والفتّال في روضة الواعظين : ص ٢١٤ ، وابن شهر آشوب في المناقب : ٤ : ٣٢٣ ثم قال : وقد نظم ذلك :
واذكر الليث حين
ألقى لديه |
|
فسعى نحوه وزار
وزمجر |
ثمّ لمّا رأى
الإمام أتاه |
|
وتجافى عنه وهاب
وأكبر |
وهو طاو ثلاث هذا
هو الحقّ |
|
وما لم أقله أوفى
وأكثر |
(١) في بعض نسخ المصدر : « البكري ».
(٢) قال الحموي في مادة « نقم » من معجم البلدان : نَقمى ـ بالتحريك والقصر ـ : موضع من أعراض المدينة كان لأبي طالب.
(٣) مجزع : أي مقطع.
(٤) كشف الغمّة : ٣ : ١٨ وما بين المعقوفين منه.
ورواه المفيد في الإرشاد : ٢ : ٢٣٣ ، والخطيب في تاريخ بغداد : ١٣ : ٢٨ وعنه المزي في تهذيب الكمال : ٢٩ : ٤٥.