قال : « يا مسيّب ، شاهد عندي غير غائب ، وحاضر غير بعيد ».
قلت : يا سيّدي ، فإليه قصدت ؟
فقال عليهالسلام : « قصدت والله كلّ منتجب لله عزّ وجلّ على وجه الأرض شرقها وغربها حتّى محبّي من الجنّ في البراري والبحار ومخلصي الملائكة في مقاماتهم وصفوتهم ».
فبكيت ، فقال عليهالسلام : « لا تبك يا مسيّب ، إنّنا نور لا يطفى ، إن غبت عنك فهذا عليّ ابني بعدي هو أنا ».
فقلت : الحمد لله.
ثمّ إنّ سيّدي عليهالسلام في ليلة يوم الثالث دعاني وقال : « يا مسيّب إنّ سيّدك يصبح في ليلة يومه على ما عرّفتك من الرحيل إلى الله عزّ وجلّ مولاه الحقّ تقدّست أسماؤه ، فإذا دعوت بشربة ماء فشربتها ورأيتني قد انتفخ بطني واصفرّ لوني واحمرّ واخضرّ وتلوّن ألواناً فخبّر الطاغية بوفاتي ، وإيّاك أن تظهر على الحديث أحداً إلاّ بعد وفاتي ».
قال المسيّب : فلم أزل أترقّب وعده حتّى دعا بشربة ماء فشربها ، ثمّ دعاني وقال : « إنّ هذا الرجس السندي بن شاهك يقول إنّه يتولّى أمري ويدفنني ، لا يكون ذلك أبداً ، فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدني بها ولا تعلو على قبري علوّاً ، وتجنّبوا زيارتي ، ولا تأخذوا من تربتي لتبرّكوا بها ، فإن كل تربة لنا محرمة ما خلا تربة جدي الحسين عليهالسلام ، فإنّ الله عزّ وجلّ جعلها شفاءاً لشيعتنا وموالينا » (١).
وتوفّي صلوات الله عليه لخمس بقين من رجب. وقيل : لخمس خلون من رجب ، سنة ثلاث وثمانين ومئة من الهجرة (٢).
__________________
(١) ورواه الصدوق في عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ١ : ٩٤ ح ٦ من الباب ٨ وفي ط المحقق : ص ٢٥٢ ح ١٠٢ مع مغايرات.
(٢) رواه الطبرسيّ في إعلام الورى : ص ٢٨٦ في تاريخ مولده ومبلغ سنّه ووقت وفاته عليهالسلام ،