محمّد ، إنّ الله أرسلني إليك إكراماً وتفضيلاً ، يسألك عمّا هو أعلم به منك ويقول : كيف يَجِدك يا محمّد ؟
فقال صلىاللهعليهوآله : تجدُني يا جبرئيل مغموماً ، تجدُني يا جبرئيل مكروباً.
فاستأذن مَلَك الموت عليه ، فقال جبرئيل : يا محمّد ، هذا ملك الموت يستأذن عليك ، ولَم يستأذن [ على أحد قبلك ، لا يستأذن ] (١) على أحد بعدك ، فهل تأذن له ؟
فقال صلىاللهعليهوآله : نعم.
فأذن جبرئيل إليه ، فأقبل حتّى وقف بين يديه وقال : يا أحمد ، إنّ الله أرسلني إليك ، وأمرني أن أطيعك فيما تأمرني ، فإن أمرتني بقبض نفسك قبضتُها ، وإن كرهتَ تركتُها.
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : أو تفعل ذلك يا ملك الموت ؟
قال : نعم ، بذلك أمِرتُ.
فقال جبرئيل عليهالسلام : يا أحمد ، إنّ الله تبارك وتعالى قد اشتاق إلى لقائك.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا ملك الموت ، امضِ لما اُمِرتَ به.
فقال جبرئيل عليهالسلام : هذا آخر هبوطي الأرض ، وإنّما كنتَ أنت حاجتي من الدنيا (٢).
فلمّا أراد ملك الموت أن يقبض روحه قال له : « خفّف ». قال : خفّفت يا رسول الله ، ولكنّ النزع شديد.
قال : أو يكون لكلّ واحد من أمّتي مثل هذه الشدائد ؟
قال : وأضعاف هذا.
قال صلىاللهعليهوآله : ضع على روحي الشدّة حتّى يكون عليهم أهون.
__________________
(١) من سائر المصادر.
(٢) إلى هنا رواه الشيخ الصدوق في أماليه : المجلس ٤٦ الحديث ١١ مع اختلاف في بعض الألفاظ.