يا غيث كلّ الورى إن عمّ عامهم |
|
جذب ويا غوثهم إن نابت النوب |
والثابت العزم والأهوال مقبلة |
|
والراسخ الحلم والأحلام تضطرب |
والماجد الحسب المقري الضبا كرماً |
|
حوبائه وكذلك الماجد الحسب |
ما غالبت صبرك الدنيا ومحنتها |
|
إلاّ انثنت وله من دونها الغلب |
ولا تريع لك الأيّام سرب حجا |
|
بلا إذا ريعت الأيّام والهضب |
إن يصبح الكون داجي اللون بعدك |
|
والأيّام سود وحسن الدهر مستلب |
فأنت للشمس ما للعالمين غنى |
|
عنها ولم تجزهم من دونها الشهب |
كشف لهم الغطاء فرأوا عالم الغيب في عالم الشهادة ، ووقفوا على حقائق المعارف في خلوات العبادة ، وناجتهم أفكارهم في أوقات أذكارهم بما يسمون به غارب الشرف والسيادة ، وحصلوا بصدق توجّههم إلى جناب القدس ما بلغوا به منتهى الإراداة ، فهم كما في نفوس أوليائهم ومحبيهم وزيادة ، فما تزيد معارفهم في زمان الشيخوخة على زمن معارفهم في زمن الولادة ، فهم خيرة الخير وزبدة الحقب ، وواسطة القلادة.
روي في كتاب مجمع الطبرسي عن محمّد بن عبد الله بن مهران قال : إنّ المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر عليهالسلام وأشار على ابنة المأمون زوجته بأنّها تسمّه ، لأنّه وقف على انحرافها عن أبي جعفر عليهالسلام وشدّة غيرتها عليه لتفضيل أمّ أبي الحسن ابنه عليها ، ولأنّه لم يرزق منها ولداً ، فأجابته إلى ذلك ، وجعلت سمّاً في عنب رازقي ووضعته بين يديه عليهالسلام ، فلمّا أكل منه ندمت وجعلت تبكي ، فقال عليهالسلام : « ما بكاؤك ؟ والله ليضربنّك الله بعقر لا يجبر ، وبلاء لا ينستر ».
فماتت بعلّة في أغمض المواضع من جوارحها صارت ناصوراً ، فأنفقت مالها وجميع ملكها على تلك العلّة حتّى احتاجت إلى استرفاد النّاس.
فمات عليهالسلام من ذلك السم في يوم الثلثاء لستّ خلون (١) من ذي الحجّة ، سنة
__________________
(١) في عيون المعجزات : « لخمس خلون ».