بعث إليّ أبو محمّد سنة ست وخمسين (١) ومئتين في النصف من شعبان فقال لي : « يا عمّة ، اجعلي إفطارك عندي ، فإنّ الله عزّ وجلّ سيبشّرك بوليّه وحجتّه على خلقه ؛ خليفتي من بعدي ».
قالت حكيمة : فتداخلني من ذلك سرور شديد ، وخرجت من ساعتي حتّى انتهيت إلى أبي محمّد عليهالسلام وهو جالس في صحن داره وجواريه حوله ، فقلت : جعلت فداك يا سيدي ، الخلف بمن هو ؟
فقال عليهالسلام : « من سوسن ».
فأدَرْت طرفي فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن.
قالت حكيمة : فلمّا أن صلّيت المغرب والعشاء جاءت المائدة فأفطرت أنا وسوسن وبتّ معها في بيت واحد ، فغفوت غفوة ثمّ استيقظت ، فلم أزل متفكّرة فيما وعدني أبو محمّد عليهالسلام في أمر وليّ الله ، فقمت قبل الوقت الّذي كنت أقوم فيه كلّ ليلة لصلاة الليل وبلغت إلى الوتر ، فوثبت سوسن فزعة وخرجت وأسبغت الوضوء ثمّ عادت فصلّت صلاة الليل حتّى انتهت إلى الوتر ، فوقع في قلبي أنّ الفجر قد قرب ، فقمت لأنظر فإذا أنا بالفجر الأوّل قد طلع ، فتداخل قلبي الشكّ من وعد أبي محمّد عليهالسلام ، فناداني : « لا تشكّي ، فإنّك بالأمر الساعة ترينه إن شاء الله تعالى ».
قالت حكيمة : فاستحيت من أبي محمّد وممّا دخل بقلبي ، فرجعت إلى البيت وأنا خجلة.
قالت حكيمة : فوثبت إلى نرجس ـ وهي سوسن ـ وقابلتها ظهراً وبطناً ، فلم أر بها من أثر الحبل شيئاً ، فأخبرته بما فعلت ، فتبسّم ثم قال لي : « إذا جاء وقت الفجر ظهر لك بها الحبل ، لأنّ مثلها مثل أمّ موسى ، لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلاّ وقت ولادتها ، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالى في طلب موسى ، وهذا نظير موسى ».
__________________
(١) في سائر المصادر : « سنة خمس وخمسين ».