قالت حكيمة : فلم أزل أرقبها إلى طلوع الفجر وهي نائمة لا تنقلب جنباً عن جنب حتّى إذا كان في آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة ، فضمّيتها إلى صدري وسمّيت عليها ، فصاح بي أبو محمّد : « يا عمّة ، اقرئي ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ».
فأقبلت اقرأ عليها كما أمرني ، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما أقرأ ، وسلّم علَيّ.
قالت حكيمة : ففزعت لمّا سمعت منه ذلك ، فصاح بي أبو محمّد : « لا تعجبي من أمر الله عزّ وجلّ ، إن الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً ويجعلنا حجة في خلقه كباراً ».
وكان صلوات الله وسلامه عليه يقرأ القرآن وهو حمل في البطن ويتكلّم ويعبد الله ربّه عزّ وجلّ.
قالت حكيمة : فقرأت عليها ( الم ) السجدة و ( يس ) ، فبينما أنا كذلك وإذا هي قد وثبت فزعة ، فوثبت إليها ودنوت منها وقلت : اسم الله عليك ، هل تحسّين شيئاً ؟
قالت : نعم.
قلت : أجمعي نفسك وقلبك. وصرت أرقبها وأنا فرحة مسرورة بها ، وعليها من النور ما يحير فيه العقل ، فنعست والتفّت فإذا قد غيّبت عنّي فلم أرها ، وضرب بيني وبينها حجاب ، ففزعت لذلك وأشفقت عليها وصرت حائرة ، فعند ذلك مضيت إلى أبي محمّد عليهالسلام وأنا صارخة ، فلمّا رآني ناداني وقال لي : « لا عليك يا عمّة ، ارجعي إليها فإنّك ستجدنيها في مكانها ».
قالت حكيمة : فرجعت إليها فلم ألبث إلاّ قليلاً حتّى رفع الحجاب الّذي بيني وبينها وإذا عليها من النور ما يغشى الأبصار ، فأخذتني فترة ، فلمّا فتحت بصري وانتبهت وإذا بالحجّة صلوات الله عليه وقد ولد ، والنور يشرق من غرّته وهو كالبدر في تمّه وكماله ، رافعاً سبّابته نحو السماء يشير بها وهو يتلقّى الأرض