فاغتمّت خديجة لذلك ، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنّهنّ من نساء بني هاشم ، ففزعت منهنّ لما رأتهنّ ، فقالت إحداهنّ : لاتحزني يا خديجة ، فإنّا رسل ربّك إليك ، ونحن أخواتك ، أنا سارة ، وهذه آسية بنت مزاحم ، وهي رفيقتك في الجنّة ، وهذه مريم بنت عمران ، وهذه كلثم أخت موسى بن عمران ، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء.
فجلست واحدة عن يمينها والأخرى عن يسارها والثالثة من بين يديها والرابعة من خلفها ، فوضعت فاطمة عليهاالسلام طاهرة مطهرة ».
وكانت ولادتها باليوم العشرين من جمادى الآخر قبل الهجرة بثمان سنين (١).
وكانت عليهاالسلام تنمو في اليوم كما ينمو غيرها في الشهر ، وتنمو في الشهر كما ينمو غيرها في السنة.
فلا غرو فهي سماء النبوّة وشمس الرسالة وقمر العصمة ودوحة الحكمة وجرثومة الشرف وبيت الفخار الأشرف.
بنت النبيّ الّتي فاقت عُلىً وسمت |
|
|
|
شأناً فما مثلها شمس ولا قمر |
|
البدر من خجل يخفى إذا طلعت |
|
|
|
والشمس في أفقها بالغيم تعتجر |
|
والغصن في الروض إن مرّت وإن خطرت |
|
|
|
يغضي حياء وفي الأوراق يستتر |
|
روي (٢) أن النبي صلىاللهعليهوآله كان ذات يوم من الأيّام جالساً بإزاء المسجد الحرام إذ أتته جماعة من خواتين نساء قريش لابسين ثياباً من قباطّي مصر متلفّعين بأردية مذهّبة وهم في غبطة وفرح وسرور ، وقد سقاهم الدهر كأساً من الغرور ،
__________________
(١) انظر دلائل الإمامة للطبري : ص ٧٩ ح ١٨ وص ١٣٤ ح ٤٣ ، وفي المناقب لابن شهر آشوب : ٣ : ٤٠٥ في عنوان : « فصل في حليتها وتواريخها عليهاالسلام » ، والبحار : ج ٤٣ ص ٩ ح ١٦.
(٢) ورواه بنحو آخر الرواندي في الخرائج والجرائح : ٢ : ٥٣٨ في أعلام فاطمة البتول عليهاالسلام : ح ١٤ ، وعنه المجلسي في البحار : ٤٣ : ٣٠ ح ٣٧ ، والبحراني في ترجمة فاطمة عليهاالسلام من العوالم : ص ٢١٩ باب ٣ ح ٢.