اليوم اطفئى نور الله متّقدا |
|
وجرّرت لمم التقوى على الطين |
اليوم تهتك أسرار الهدى مزقاً |
|
وبرقعت غرة الإسلام بالهون |
اليوم زعزع قدس من جوانبه |
|
وهاج بالخيل سادات الميامين |
اليوم شقّ على الزهرا كِلَّتها |
|
وساوروها بتنكيب وتوهين |
اليوم نالت بنو حرب طلائبهم |
|
ممّا صلوه ببدرٍ ثمّ صفّين |
اليوم جدّل سبط المصطفى شرقاً |
|
من نفسه بنجيع غير مسنون |
نالوا أزمّة دنياهم ببغيهم |
|
فليتهم سمحوا منها بماعون |
يا عين لا تدّعي شيئاً لغادية |
|
تهمى ولا تدعي دمعا لمحزون |
وروي أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام دخل يوماً على فاطمة عليهاالسلام فرآها قد عجنت عجيناً للخبز ووضعت طيناً في الماء لتغسل به رؤوس أولادها ، فتعجّب أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : « يا بنت رسول الله ، ما عهدتك تشتغلين بعملين من الدنيا في يوم واحد ، وما أظنّه إلاّ من سبب » !
فبكت فاطمة عليهاالسلام وتحدّرت عبراتها على وجناتها وقالت : « يا أمير المؤمنين ، هذا فراق بيني وبينك ، اعلم أنّي رأيت البارحة في منامي أبي صلىاللهعليهوآله وهو واقف في مكان مرتفع يلتفت يميناً وشمالاً كأنّه ينتظر أحداً ، فقلت له : يا أبتاه ، مضيت عنّي وتركتني وحيدة فريدة أبكي عليك ليلي ونهاري وعشيّتي وأبكاري ، لا ألتذّ بطعام ولا أتهنّى بمنام. فقال لي : يا فاطمة ، إني واقف هنا للانتظار. قلت : فلمَن تنتظر يا أبتاه ؟ قال : أنتظرك يا فاطمة ، فإنّ مدّة الفراق قد تجاوزت ، وليالي الهموم والأشواق قد تصرّمت ، وقرب وقت الارتحال ، لنفوز بالملاقاة والوصال ، وتقلعي أطناب خيمة بدنك من المضائق السفلية ، وتنصبيها في فضاء العوالم العلوية ، وتفرّي من مطمورة الدنيا ، وتسكني معمورة العقبى ، يا فاطمة ، عجّلي فإنّي في انتظارك ، ولا أبرح من مكاني حتّى تأتيني فأسرِعي ، وسأخبرك يا بنتي أنّ وقت وصولك إليّ في الليلة القابلة.