فوالله إنّها الجنّة ».
فقلت : والله يا أمير المؤمنين جعلت فداك إنّي أعلم أنّك تصير إلى الجنّة وإنّما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين (١).
وروي عن ابن عباس رضياللهعنه قال : كنت عند أمير المؤمنين ليلة إحدى وعشرين من أوّل الليل إلى آخره أريد أن أسأله عن سبعين مسألة ، فرأيته قد ثقل حاله فلم أسأله عن شيء ، فابتدأني وقال : « يا ابن عبّاس عندك سبعون مسألة تريد أن تسأل عنها ، فلِمَ لا تذكرها » ؟
فقلت : اشفاقاً عليك يا مولاي.
فقال عليهالسلام : إنّ شرح المسألة الفلانيّة كذا ، وشرح المسألة الفلانيّة كذا ، ولم يزل يذكرها إلى آخرها ، ولم أذكر له شيئاً منها ، وأوصانا بالأحكام الّتي أوصاه بها رسول الله صلىاللهعليهوآله .
هذا ونحن ننظر إلى عينيه قد غارتا في أمّ رأسه من شدة السمّ ، فعظم ذلك علينا ، فدعا بالحسن والحسين عليهماالسلام وجميع أولاده وأهل بيته وودّعهم وقال : « يا أبا محمّد ، ويا أبا عبد الله ، كأنّي بكما وقد خرجت عليكما الفتن من هاهنا وهاهنا من بعدي ، فاصبرا حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين ».
ثمّ أغمي عليه وأفاق وقال : « هذا رسول الله صلىاللهعليهوآله وعمّي حمزة وأخي جعفر وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله كلّهم يقولون : عجّل قدومك علينا ، فإنّا إليك مشتاقون ».
ثمّ أدار عينيه في أهل بيته كلهم وقال : « أستودعكم الله جميعاً ، سدّدكم الله جميعاً ، الله خليفتي عليكم ، وكفى به خليفة ».
__________________
(١) ورواه المفيد في أماليه : المجلس ٤٢ ح ٣ ، وعنه الشيخ الطوسي في أماليه : المجلس ٥ الحديث ٤ مع إضافات في آخره.
وانظر ترتيب الأمالي للشيخ محمّد جواد المحمودي : ٤ : ٦١٤.
ورواه عنهما المجلسي في البحار : ٤٢ : ٢٠٤ ح ٨.