يلاقون شدّاة الكماة بأنفس |
|
إذا غضبت هانت عليها الشدائد |
إخواني ، ما عذر أولى الايمان عن أسالة المدامع ، وما حجة ذووا الأذهان في التغافل والتهاجع ، بعد ما قرعت الآذان هذه الداهية الدهياء ، والمصيبة الدهماء ، الّتي جرت على آل بيت الرسالة ، وضعضعت أركان العلم والدلالة ، وأخلت مرابع أهل الفخر والجلالة من سكّانها أرباب البسالة ، ونكّست أعلام العرفان والمقالة ، ووطئت صماخ العلم والنبالة بأخمص الظلم والجهالة ، وتركت رؤوس سادات الرسالة على عوالي الخرصان مُشالة ، ونفوس أصحاب الصدارة والأيالة على صفحات البواتر مسالة ، فهم بين ذبيح لا ينعى ، وجريح لا يداوى ، وأسير لا يفدى ، وثاكل لا يعزّى ، ومصونة مهتوكة الحجاب ، وعقيلة مسلوبة الثياب ، ومفجوعة بفقد الواحد ، وملطومة بكفّ الجاحد ، وأسير في قيد الأذلال ، وعزيز مرغم في الأغلال ، وطفل فطمته ماضيات السهام ، وشابّ ألبسته بُرد النجيع أيدي الكُلام ، لا خاخر يخفرها ، ولا وال يسرّها ، قد أزعجت بطيّ المراحل في الفلوات ، وزجر الزواجر وسوق الحداة ، غير محجوبة النواظر عن الرامق والناظر ، قد اتّخذت النياح فنّاً وشغلاً ، وتبدّلت بالأعداء خدناً وأهلاً ، فليت لفاطمة عينا ناظرة لها في سباها ، وليت لها أذنا تسمع محرقات نعاها ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
روي في كتاب الأرشاد أنّه كتب يزيد إلى الوليد بن عُتبة ـ وكان على المدينة والياً من قِبَل يزيد ـ : أن خذ الحسين بالبيعة لنا ، ولا ترخّص له في التأخر في ذلك.
فأنفذ الوليد إلى الحسين عليهالسلام في الليل واستدعاه ، فعرف الحسين عليهالسلام الّذي أراد ، فدعا جماعة من موالي بني هاشم وأمرهم أن يتجلّلوا بالسلاح وقال لهم : « إنّ الوليد قد استدعاني في هذا الوقت ، ولست آمنه أنّه يكلفني أمراً فيه لا أجيبه