فتحرّك" ، " كسّرته فتكسّر" ، والنيّة فيه حرف الجر ، كأنك قلت : " تسمّى زيد بعمرو" ولم يكن من باب الفاعل الذي بينت به من أدخله في فعله ، كقولك : " أخذ زيد درهما" ، ثم بينت من أدخله في الأخذ وسهّله له فقلت : " أعطى عبد الله زيدا درهما".
وأما قول سيبويه : " دعوته زيدا ، إذا أردت دعوته التي تجري مجرى سمّيته" ، فإنّ الدعاء في الكلام على ثلاثة معان ، أحدهما : التسمية. والآخر : أن تستدعيه إلى أمر يحضره. والثالث : في معنى المسألة لله تعالى.
فإذا كان الدّعاء بمعنى التسمية جرى مجرى التسمية ، فقلت : " دعوت أخاك زيدا" و" دعوت أخاك بزيد" ، كما تقول : " سمّيت أخاك زيدا" و" سمّت أخاك بزيد" ، وهو الذي يدخل في هذا الباب ، دون معنى الاستدعاء ، وهو الذي قاله سيبويه : " وإن عنيت الدعاء إلى أمر لم تجاوز مفعولا واحدا" ، يعني الاستدعاء إلى أمر ، ألا ترى أنك تقول : " استدعيت أخاك" ، ولا تقول : " استدعيت أخاك بزيد". وقول الشاعر :
أستغفر الله ذنبا لست محصيه |
|
ربّ العباد إليه الوجه والعمل (١) |
فإنّه أراد : أستغفر الله من ذنب. وهذا هو من القسم الثاني.
وقال عمرو بن معد يكرب ؛
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال وذا نشب (٢) |
والمعنى : أمرتك بالخير. وهو أيضا من القسم الثاني.
وقال سيبويه : " وإنما فصل هذا أنها أفعال توصل بحرف الإضافة ، فتقول : اخترته من الرجال ، وسمّيته بفلان ، كما تقول : عرّفته بهذه العلامة ، وأوضحته بها ، وأستغفر الله من ذلك ، فلما حذفوا حرف الجرّ عمل الفعل".
يعني أن هذه الأفعال التي تتعدّى إلى مفعولين مما كان في الأصل متعدّيا إلى واحد بغير حرف جرّ ، وإلى الثاني بحرف جرّ ، مما جعلناه القسم الثاني ، وجعلنا أحد المفعولين غير فاعل بالآخر في الأصل ، إنما فصله من القسم الأول ؛ لاختلاف معناهما في الأصل.
__________________
(١) البيت بلا نسبة في سيبويه ١ / ١٧ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٨٦ ، وابن يعيش ٨ / ٥١ ، واللسان (غفر).
(٢) البيت في سيبويه ١ / ١٧ ، والخزانة ١ / ١٦٤.