الاسم ، ألا ترى أن قولك : " مررت بزيد الأحمر" كقولك : " مررت بزيد" وذلك أنك" لو احتجت إلى أن تنعته فقلت : " مررت بزيد" وأنت تريد" الأحمر" ، وهو لا يعرف حتى تقول : " الأحمر" لم يكن تم الاسم ، فهو يجري منعوتا مجرى" مررت بزيد" إذا كان يعرف وحده ، فصار" الأحمر" كأنه من صلته).
يريك أنك إذا قلت : " مررت بزيد" فعرفه المخاطب اكتفيت به ، وإذا لم يعرفه من بين" الزيدين" حتى يقول" الأحمر". صار" زيد الأحمر" في معرفة المخاطب به بعينه" كزيد" إذا عرفه مفردا ، فالصفة والموصوف كشيء واحد.
هذا باب ما يختار فيه إعمال الفعل
مما يكون في المبتدإ مبنيا عليه الفعل
وذلك قولك : " رأيت زيدا وعمرا كلمته" ، و" رأيت عبد الله وزيدا مررت به" ، و" لقيت زيدا وبكرا أخذت أباه" و" لقيت بكرا وخالدا اشتريت له ثوبا".
قال أبو سعيد : اعلم أن العرب إذا ذكرت جملة كلام ، اختارت مطابقة الألفاظ ما لم تفسد عليها المعاني ، فإذا جئت بجملة صدرتها بفعل ، ثم جئت بجملة أخرى ، فعطفتها على الجملة الأولى ، وفيها فعل كان الاختيار أن تصدر الفعل في الجملة الثانية لتكون مطابقة للجملة الأولى في اللفظ وتصدير الفعل. فإذا قلت : " رأيت عبد الله وزيدا مررت به" ، قدرت فعلا ينصب" زيدا" ، كأنك قلت : " رأيت عبد الله ، ولقيت زيدا مررت به" ، قدرت فعلا ينصب" زيدا" ؛ لتكون الجملة الثانية مطابقة للجملة الأولى في تصدير الفعل وتقديمه ، وسواء ذكرت في الفعل الأول منصوبا أو لم تذكره ، كقولك : " قام عبد الله وزيدا كلمته" ، على تقدير : وكلمت زيدا كلمته ؛ لأن الغرض أن يجمع بين الجملتين في تقديم الفعل ، لا في لفظ النصب أو غيره.
ولسيبويه في هذا المعنى احتجاج يأتي من بعد.
ويجوز ألا تحمل الجملة الثانية على الفعل ، ولكنك تجعله خبرا ومبتدأ ، فتقول : " رأيت عبد الله ، وزيد مررت به".
ومن الدليل على أن الاختيار ما وصفناه ، قول الله تعالى : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ