قول سيبويه : " اعلم أن الاسم أوله الابتداء" يعني : المبتدأ لأن المبتدأ هو الاسم المرفوع ، والابتداء هو العامل فيه ، وستقف على هذا ، غير أنه اكتفى بالمصدر عن الاسم ، كقولك : " أنت رجائي" أي مرجوّى.
وقوله : " إنما يدخل الناصب" ، يعني كان وأخواتها ، وظننت وأخواتها ، " والرافع سوى الابتداء" ، يعني كان وأخواتها ، وظن وأخواتها ، ورفعهما غير الرفع الذي يوجبه الابتداء والجار ، وهو الباء في" بحسبك زيد" وما ذكر معه ، تدخل هذه العوامل على المبتدأ ، فتزيل الابتداء ويصير الاسم معربا بها دون الابتداء.
قال سيبويه" ألا ترى أن ما كان مبتدأ قد تدخل عليه هذه الأشياء حتى يكون غير مبتدأ".
يعني : أن الاسم المبتدأ المعرّى من العوامل اللفظية قد تدخل عليه كان وإنّ وحروف الجر فيصير غير معرّى من العوامل ، وإذا كان غير معرّى فقد صار غير مبتدأ.
قال : " فلا تصل إلى الابتداء ما دام مع ما ذكرت لك إلا أن تدعه".
يعني : لا تصل إلى الابتداء ، وهو تعرّيه من العوامل اللفظية ، وقد اقترنت به العوامل إلا أن تحذف العوامل فيصير الاسم مبتدأ ؛ وإنما ذكر سيبويه ذلك مستدلا على أن المبتدأ هو الأول ، إذ كان لفظ المبتدأ هو موجود مع هذه العوامل ، وإنما الابتداء الرافع له زوال هذه العوامل.
وقوله : " ما دام مع ما ذكرت لك" يعني : ما دام المبتدأ مع ما ذكرت لك من العوامل إلا أن تدع العوامل.
ثم قال : " وذلك أنك إذا قلت : " عبد الله منطلق" ، إن شئت أدخلت عليه" رأيت" فقلت : " رأيت عبد الله منطلقا".
وقد مر نحو هذا ؛ لأن قوله : " رأيت عبد الله منطلقا" بمنزلة ظننت عبد الله منطلقا. ثم قال : " فالمبتدأ أول كما أن الواحد أول العدد ، والنكرة قبل المعرفة".
قال أبو سعيد وقد ذكرنا أن المبتدأ أول في هذا الباب ، وذكرنا في الباب الذي قبله أن الواحد أول العدد ، وأن النكرة قبل المعرفة.
هذا باب اللفظ للمعاني
قال سيبويه : " اعلم أنّ من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين ،